نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 39
ولما كان الدين يدور على ثلاث قواعد فعل لمأمور وترك لمحظور وتصديق الخبر وإن شئت قلت الدين طلب وخبر والطلب نوعان طلب فعل وطلب ترك فقد تضمنت هذه الكلمات الثلاث مراتب الدين أجمعها فالاعطاء فعل المأمور والتقوى ترك المحظور والتصديق بالحسنى تصديق الخبر فانتظم ذلك الدين كله وأكمل الناس من كملت له هذه التقوى الثلاث ودخول النقص بحسب نقصانها أو بعضها فمن الناس من يكون قوة إعطائه وبذله أتم من قوة انكفافه وتركه فقوة الترك فيه أضعف من قوة الاعطاء ومن الناس من يكون قوة الترك والانكفاف فيه أتم من قوة الاعطاء والمنع ومن الناس من يكون فيه قوة التصديق أتم من قوة الاعطاء والمنع فقوته العلمية والشعورية أتم من قوته الإرادية وبالعكس فيدخل النقص بحسب ما نقص من قوة هذه القوى الثلاث ويفوته من التيسير لليسرى بحسب ما فاته منها ومن كملت له هذه القوى يسر لكل يسرى قال ابن عباس ( فسنيسره لليسرى ) أي نهيئه لعمل الخير تيسر عليه أعمال الخير وقال مقاتل والكلبي والفراء نيسره للعود إلى العمل الصالح وحقيقة اليسرى أنها الخلة والحالة السهلة النافعة الواقعة له وهي ضد العسرى وذلك يتضمن تيسيره للخير وأسبابه فيجري الخير وييسر على قلبه ويديه ولسانه وجوارحه فتصير خصال الخير ميسرة عليه مذللة له منقادة لا تستعصي عليه ولا تستصعب لأنه مهيأ لها ميسر لفعلها يسلك سبلها ذللا وتقاد له علما وعملا فإذا خاللته قلت هو الذي قيل فيه : مبارك الطلعة ميمونها * يصلح للدنيا وللدين ( وأما من بخل ) فعطل قوة الإرادة والاعطاء عن فعل ما أمر به ( استغنى ) بترك التقوى عن ربه فعطل قوة الانكفاف والترك عن فعل ما نهى عنه ( وكذب بالحسنى ) فعطل قوة العلم والشعور عن التصديق بالإيمان وجزائه ( فسنيسره للعسرى ) قال عطاء سوف أحول بين قلبه وبين الإيمان بي وبرسولي وقال مقاتل يعسر عليه أن يعطى خيرا وقال عكرمة عن ابن عباس نيسره للشر قال الواحدي وهذا هو القول لأن الشر يؤدي إلى العذاب فهو الخلة العسرى والخير يؤدي إلى اليسر والراحة في الجنة فهو الخلة اليسرى يقول سنهيؤه للشر بأن يجريه على يديه قال الفراء العرب تقول قد يسرت
39
نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 39