نام کتاب : التبيان في إعراب القرآن نویسنده : أبو البقاء العكبري جلد : 1 صفحه : 15
فإذا قلت : نؤمن وتؤمن ، ويؤمن ، جاز لك فيه وجهان : أحدهما - الهمز على الأصل . والثاني - قلب الهمزة واوا تخفيفا ، وحذفت الهمزة الوسطى حملا على أومن ، والأصل يوأمن فأما أومن فلا يجوز همز الثانية بحال لما ذكرنا . والغيب هنا : مصدر بمعنى الفاعل ، أي يؤمنون بالغائب عنهم . ويجوز أن يكون بمعنى المفعول أي المغيّب كقوله : « هذا خَلْقُ اللَّه » أي مخلوقه . ودرهم ضرب الأمير أي مضروبه . * ( ويُقِيمُونَ ) * : أصله يؤقومون ، وماضيه أقام ، وعينه واو لقولك فيه : يقوم ، فحذفت الهمزة كما حذفت في أقيم لاجتماع الهمزتين ، وكذلك جميع ما فيه حرف مضارعة لئلا يختلف باب أفعال المضارعة . وأما الواو فعمل فيها ما عمل في نستعين ، وقد ذكرناه . وألف الصلاة منقلبة عن واو لقولك : صلوات ، والصلاة مصدر صلى ويراد بها هاهنا الأفعال والأقوال المخصوصة فلذلك جرت مجرى الأسماء غير المصادر . * ( ومِمَّا رَزَقْناهُمْ ) * : « من » متعلقة بينفقون والتقدير : وينفقون مما رزقناهم فيكون الفعل قبل المفعول ، كما كان قوله : يؤمنون ، ويقيمون كذلك ، وإنما أخّر الفعل عن المفعول لتتوافق رؤوس الآي . وما بمعنى الذي . ورزقنا يتعدّى إلى مفعولين وقد حذف الثاني منهما هنا ، وهو العائد على « ما » ، تقديره : رزقناهموه ، أو رزقناهم إياه . ويجوز أن تكون « ما » نكرة موصوفة بمعنى شىء أي : ومن مال رزقناهم فيكون رزقناهم في موضع جرّ صفة لما . وعلى القول الأول لا يكون له موضع لأن الصلة لا موضع لها ، ولا يجوز أن تكون ما مصدرية لأن الفعل لا ينفق . ومن للتبعيض ، ويجوز أن تكون لابتداء غاية الإنفاق . وأصل ينفقون : يؤنفقون ، لأن ماضيه أنفق ، وقد تقدّم نظيره . 4 - * ( بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ) * : « ما » هاهنا بمعى الذي ولا يجوز أن تكون نكرة موصوفة ، أي بشيء أنزل إليك لأنه لا عموم فيه على هذا ، ولا يكمل الإيمان إلا أن يكون بجميع ما أنزل إلى النبيّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، وما للعموم ، وبذلك يتحقق الإيمان . والقراءة الجيدة أنزل إليك ، بتحقيق الهمزة . وقد قرئ في الشاذ أنزل ليك - بتشديد اللام . والوجه فيه أنه سكّن لام أنزل ، وألقى عليها حركة الهمزة ، فانكسرت اللام ، وحذفت الهمزة ، فلقيتها لام إلى فصار اللفظ بما أنزل ليك ، فسكنت اللام الأولى ، وأدغمت في اللام الثانية . والكاف هنا ضمير المخاطب ، وهو النبيّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ويجوز أن يكون ضمير الجنس المخاطب ، ويكون في معنى الجمع . وقد صرح به في آي أخر كقوله : « لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيه ذِكْرُكُمْ » . * ( وبِالآخِرَةِ ) * : الباء متعلقة بيوقنون ولا يمتنع أن يعمل الخبر فيما قبل المبتدأ ، وهذا يدلّ على أن تقديم الخبر على المبتدأ جائز إذ المعمول لا يقع في موضع لا يقع فيه العامل . والآخرة صفة ، والموصوف محذوف ، تقديره : وبالساعة الآخرة ، أو بالدار الآخرة ، كما قال : « ولَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ » . وقال : « والْيَوْمِ الآخِرِ » . * ( هُمْ يُوقِنُونَ ) * : هم مبتدأ ذكر على جهة التوكيد ، ولو قال : وبالآخرة يوقنون لصحّ المعنى والإعراب ، ووجه التوكيد في « هم » تحقيق عود الضمير إلى المذكورين لا إلى غيرهم ، ويوقنون الخبر . وأصله يؤيقنون ، لأن ماضيه أيقن ، والأصل أن يؤتى في المضارع بحروف الماضي ، إلا أنّ الهمزة حذفت لما ذكرنا في يؤمنون ، وأبدلت الياء واوا لسكونها وانضمام ما قبلها . 5 - * ( أُولئِكَ ) * : هذه صيغة جمع على غير لفظ واحده ، وواحده ذا ويكون أولئك للمؤنث والمذكر ، والكاف فيه حرف للخطاب وليست اسما إذ لو كانت اسما لكانت إمّا مرفوعة أو منصوبة ولا يصحّ شىء منهما إذ لا رافع هنا ولا ناصب وإما أن تكون مجرورة بالإضافة ، وأولاء لا تصح إضافته لانه مبهم ، والمبهمات لا تضاف فبقى أن تكون حرفا مجرّدا للخطاب . ويجوز مدّ أولاء ، وقصره في غير القرآن . وموضعه هنا رفع بالابتداء ، و * ( عَلى هُدىً ) * الخبر ، وحرف الجر متعلق بمحذوف ، أي أولئك ثابتون على هدى . ويجوز أن يكون أولئك خبر الذين يؤمنون بالغيب ، وقد ذكر . فإن قيل : أصل « على » الاستعلاء ، والهدى لا يستعلى عليه ، فكيف يصحّ معناها هاهنا ؟ قيل : معنى الاستعلاء حاصل لأنّ منزلتهم علت باتّباع الهدى . ويجوز أن يكون لما كانت أفعالهم كلَّها على مقتضى الهدى كان تصرّفهم بالهدى كتصرف الراكب بما يركبه . * ( مِنْ رَبِّهِمْ ) * : في موضع جرّ صفة لهدى ، ويتعلق الجارّ بمحذوف تقديره : هدى كائن ، وفي الجارّ والمجرور ضمير يعود على الهدى . ويجوز كسر الهاء وضمّها على ما ذكرنا في عليهم في الفاتحة . * ( وأُولئِكَ ) * : مبتدأ ، و * ( هُمُ ) * مبتدأ ثان ، و * ( الْمُفْلِحُونَ ) * خبر المبتدأ الثاني ، والثاني وخبره خبر الأول .
15
نام کتاب : التبيان في إعراب القرآن نویسنده : أبو البقاء العكبري جلد : 1 صفحه : 15