نام کتاب : إعجاز القرآن نویسنده : الباقلاني جلد : 0 صفحه : 6
وقد أدهش القرآن العرب لما سمعوه ، وحير ألبابهم وعقولهم بسحر بيانه ، وروعة معانيه ، ودقة ائتلاف ألفاظه ومبانيه ، فمنهم من آمن به ومنهم مكفر ، وافترقت كلمة الكافرين على وصفه ، وتباينت في نعته ، فقال بعضهم ، هو شعر ، وقال فريق : إنه سحر ، وزعمت طائفة أنه أساطير الأولين اكتتبها محمد ، فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ، وذهب قوم أنه إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون . وقال غير هؤلاء وهؤلاء : لو نشاء لقلنا مثل هذا . ولكنهم لم يقولوا هم ولا غيرهم لان تأليف القرآن البديع ، ووصفه الغريب ، ونظمه العجيب ، قد أخذ عليهم منافذ البيان كلها وقطع أطماعهم في معارضته ، فظلوا مقموعين مدحورين ثلاثة وعشرين عاما ، يتجرعون مرارة الإخفاق ، ويهطعون لقوارع التبكيت ، وينغضون رؤوسهم تحت مقارع التحدي والتعيير ، مع أنفتهم وعزتهم ، واستكمال عدتهم وكثرة خطبائهم وشعرائهم ، وشيوع البلاغة فيهم ، والتهاب قلوبهم بنار عداوته ، وترادف الحوافز إلى مناهضته ، وعرفانهم أن معارضته بسورة واحدة أو آيات يسيرة أنقض لقوله ، وأفعل في إطفاء أمره ، وأنجع في تحطيم دعوته ، وتفريق الناس عنه - من مناجزته ، ونصبهم الحرب له ، وإخطارهم بأرواحهم وأموالهم ، وخروجهم عن أوطانهم وديارهم . وقد ندب الله المسلمين إلى تلاوة القرآن ، وقراءة ما تيسر منه ، وحضهم على ادكار معانيه ، وتدبر أغراضه ومراميه ، ليهتدوا ببصائره وهداه ، وليستضيئوا بأنواره في الحياة ، حتى تكون كلمتهم فيها هي العليا ، وكلمة الذين كفروا السفلى . فأقبل عليه علماؤهم يتدبرونه ويفسرونه ، ويجلون آياته على أعين الناس لعلهم يشهدون ما فيها من المنافع لهم ، فيأتمروا حيث أمر ، وينتهوا حيث زجر . وأقبل عليه غيرهم ، من أعدائه وأعدائهم ، فاتبعوا ما تشابه من آية ابتغاء الفتنة بتأويلها ، وتحريف كلمه عن مواضعها ، وخيلت لهم أفهامهم الكليلة ، وأذهانهم العليلة ، أن في نظمه فسادا ، وفى أسلوبه لحنا ، وفى معانيه تناقضا ، وفى نقله اضطرابا ، فنفوا عنه صفة الاعجاز ، وسددوا نحوه المطاعن ، وبثوا حوله الشكوك . وكان الناجمون الأولون منهم يخافتون بأقوالهم ، ويجمجمون بآرائهم ، ويستخفون بمذاهبهم
مقدمة المحقق 6
نام کتاب : إعجاز القرآن نویسنده : الباقلاني جلد : 0 صفحه : 6