responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 96


قوله تعالى : ( وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا ) الآية يحتمل وجهين ، أحدهما : معنى مأمون فيه ) كقوله تعالى : ( في عيشة راضية ) [ الحاقة : 21 ] يعني مرضية : والثاني : أن يكون المراد ( أهل البلد ) كقوله تعالى : ( واسأل القرية ) [ يوسف :
82 ] معناه : أهلها ، وهو مجاز ، لأن الأمن والخوف لا يلحقان البلد وإنما يلحقان من فيه .
وقد اختلف في الأمن المسؤول في هذه الآية ، فقال قائلون : سأل الأمن من القحط والجدب ، لأنه أسكن أهله بواد غير ذي زرع ولا ضرع ، ولم يسأله الأمن من الخسف والقذف ، لأنه كان آمنا من ذلك قبل . وقد قيل إنه سأل الأمرين جميعا .
قال أبو بكر : هو كقوله تعالى ( مثابة للناس وأمنا ) . وقوله : ( ومن دخله كان آمنا ) [ آل عمران : 67 ] . وقوله : ( وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا ) والمراد والله أعلم بذلك الأمن من القتل ، وذلك أنه قد سأله مع رزقهم من الثمرات ( رب اجعل هذا البلد آمنا وارزق أهله من الثمرات ) وقال عقيب مسألة الأمن في قوله تعالى ( رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ) [ إبراهيم : 35 ] ، ثم قال في سياق القصة : ( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ) إلى قوله ( وارزقهم من الثمرات ) [ إبراهيم : 37 ] فذكر مع مسألته الأمن وأن يرزقهم من الثمرات . فالأولى حمل معنى مسألة الأمن على فائدة جديدة غير ما ذكره في سياق القصة ونص عليه من الرزق .
فإن قال قائل : إن حكم الله تعالى بأمنها من القتل قد كان متقدما لعهد إبراهيم عليه السلام ، لقول النبي عليه السلام : ( إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي ، وإنما أحلت لي ساعة من نهار ) يعني القتال فيها ، قيل :
له : هذا لا ينفي صحة مسئلته لأنه قد يجوز نسخ تحريم القتل والقتال فيها فسأله إدامة هذا الحكم فيها وتبقيته على ألسنة رسله وأنبيائه بعده .
ومن الناس من يقول إنها لم تكن حرما ولا أمنا قبل مسألة إبراهيم عليه السلام ، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن إبراهيم عليه السلام حرم مكة وإني حرمت المدينة ) .
والأخبار المروية عن النبي عليه السلام في أن الله تعالى حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض وأنها لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي ، أقوى وأصح من هذا الخبر ، ومع ذلك فلا دلالة فيه أنه لم تكن حرما قبل ذلك ، لأن إبراهيم عليه السلام حرمها بتحريم الله تعالى إياها قبل ذلك فاتبع أمر الله تعالى فيها ، ولا دلالة فيه على نفي تحريمها قبل عهد إبراهيم من غير الوجه الذي صارت به حراما بعد الدعوة ، والوجه الأول بمنع

96

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 96
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست