responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 69


معناه أن الملكين لا يعلمان ذلك أحدا ، ومع ذلك لا يقتصران على أن لا يعلماه حتى يبالغا في نهيه فيقولا : ( إنما نحن فتنة فلا تكفر ) .
والذي حمله على هذا التأويل استنكاره أن ينزل الله على الملكين السحر مع ذمه السحر والساحر ، وهذا الذي ذهب إليه لا يوجب ، لأن المذموم من يعمل بالسحر لا من بينه للناس ويزجرهم عنه ، كما أن على كل من علم من الناس معنى السحر أن يبينه لمن لا يعلم وينهاه عنه ليجتنبه ، وهذا من الفروض التي ألزمنا إياها الله تعالى إذا رأينا من اختدع الله به وتموه عليه أمره .
قوله تعالى : ( إنما نحن فتنة فلا تكفر ) . فإن الفتنة ما يظهر به حال الشئ في الخير والشر ، تقول العرب : ( فتنت الذهب ) إذا عرضته على النار لتعرف سلامته أو غشه .
والاختبار كذلك أيضا ، لأن الحال تظهر فتصير كالمخبرة عن نفسها . والفتنة : العذاب ، في غير هذا الموضع ، ومنه قوله تعالى : ( ذوقوا فتنتكم ) [ الذريات : 14 ] فلما كان الملكان يظهران حقيقة السحر ومعناه قالا ( إنما نحن فتنة ) وقال قتادة : ( إنما نحن فتنة ) : بلاء . وهذا سائغ أيضا ، لأن أنبياء الله تعالى ورسله فتنته لمن أرسلوا إليهم ليبلوهم أيهم أحسن عملا . ويجوز أن يريد : أنا فتنة وبلاء ، لأن من يعلم ذلك منهما يمكنه استعمال ذلك في الشر ولا يؤمن وقوعه فيه ، فيكون ذلك محنة كسائر العبادات . وقولهما : ( فلا تكفر ) يدل على أن عمل السحر كفر ، لأنهما يعلمانه إياه لئلا يعمل به ، لأنهما علماهما من ما السحر وكيف الاحتيال ليجتنبه ، ولئلا يتموه على الناس أنه من جنس آيات الأنبياء صلوات الله عليهم ، فيبطل الاستدلال بها . وقوله تعالى : ( فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه ) يحتمل التفريق من وجهين ، أحدهما : أن يعمل به السامع فيكفر فيقع به الفرقة بينه وبين زوجته إذا كانت مسلمة بالردة . والوجه الآخر : أن يسعى بينهما بالنميمة والوشاية والبلاغات الكاذبة والإغراء والإفساد وتمويه الباطل حتى يظن أنه حق فيفارقها .
قوله تعالى : ( وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ) ، الإذن هنا العلم فيكون اسما إذا كان مخففا ، وإذا كان محركا كان مصدرا ، كما يقول : حذر الرجل حذرا فهو حذر ، فالحذر الاسم والحذر المصدر . ويجوز أن يكون مما يقال على وجهين كشبه وشبه ومثل ومثل . وقيل فيه ( إلا بإذن الله ) أي تخليته . وقال الحسن : ( من شاء الله منعه فلم يضره السحر ومن شاء خلى بينه وبينه فضره ) .
قوله تعالى : ( ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق ) قيل معناه : من

69

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست