نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 67
تكذب عليه ، لأنه إذا كان الخبر كذبا قيل تلا عليه ، وإذا كان صدقا قيل : تلا عنه ، وإذا أبهم جاز فيه الأمران جميعا ، قال الله تعالى : ( أم تقولون على الله مالا تعلمون ) [ البقرة : 80 ] وكانت اليهود تضيف السحر إلى سليمان وتزعم أن ملكه كان به ، فبرأه الله تعالى من ذلك ، ذكر ذلك عن ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة ، وقال محمد بن إسحاق : قال بعض أحبار اليهود : ألا تعجبون من محمد يزعم أن سليمان كان نبيا ؟ والله ما كان إلا ساحرا ! فأنزل الله تعالى : ( وما كفر سليمان ) وقيل : إن اليهود إنما أضافت السحر إلى سليمان توصلا منهم إلى قبول الناس ذلك منهم ولتجوزه عليهم ، وكذبوا عليه في ذلك . وقيل : إن سليمان جمع كتب السحر ودفنها تحت كرسيه أو في خزانته لئلا يعمل به الناس ، فلما مات ظهر عليه ، فقالت الشياطين : بهذا كان يتم ملكه ، وشاع ذلك في اليهود وقبلته وأضافته إليه . وجائز أن يكون المراد شياطين الإنس ، وجائز أن يكون الشياطين دفنوا السحر تحت كرسي سليمان في حياته من غير علمه ، فلما مات وظهر نسبوه إلى سليمان ، وجائز أن يكون الفاعلون لذلك شياطين الإنس استخرجوه بعد موته وأوهموا الناس أن سليمان كان فعل ذلك ليوهموهم ويخدعوهم به . قوله تعالى : ( وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت ) قد قرئ بنصب اللام وخفضها ، فمن قرأها بنصبها جعلهما من الملائكة ، ومن قرأها بخفضها جعلهما من غير الملائكة ، وقد روي عن الضحاك أنهما كان علجين من أهل بابل . والقراءتان صحيحتان غير متنافيتين ، لأنه جائز أن يكون الله أنزل ملكين في زمن هذين الملكين لاستيلاء السحر عليهما واغترارهما وسائر الناس بقولهما وقبولهم منهما ، فإذا كان الملكان مأمورين بإبلاغهما وتعريفهما وسائر الناس معنى السحر ومخاريق السحرة وكفرها جاز أن نقول في إحدى القراءتين : وما أنزل على الملكين اللذين هما من الملائكة ، بأن أنزل عليهما ذلك ، ونقول في القراءة الأخرى : وما أنزل على الملكين من الناس ، لأن الملكين كانا مأمورين بإبلاغهما وتعريفهما ، كما قال الله تعالى في خطاب رسوله : ( ونزلنا ع ليك الكتاب تبيانا لكل شئ ) [ النحل : 89 ] وقال في موضع آخر : ( قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا ) [ البقرة : 136 ] فأضاف الإنزال تارة إلى الرسول عليه السلام وتارة إلى المرسل إليهم . وإنما خص الملكين بالذكر وإن كانا مأمورين بتعريف الكافة ، لأن العامة كانت تبعا للملكين ، فكان أبلغ الأشياء في تقرير معاني السحر والدلالة على بطلانه تخصيص الملكين به ليتبعهما الناس ، كما قال لموسى وهارون : إذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ) [ طه : 44 ] وقد كانا عليهما السلام رسولين إلى رعاياه كما أرسلا إليه ، ولكنه خصه بالمخاطبة لأن ذلك أنفع
67
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 67