responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 605


فإن الشاهد مأخوذ عليه بأن يأتي بلفظ الشهادة ، ولو عبر بلفظ غير لفظ الشهادة بأن يقول ( أعلم أو أتيقن ) لم تقبل شهادته ، فعلمت أنها حين كانت مخصوصة بهذا اللفظ وهذا اللفظ يقتضي مشاهدة المشهود به ومعاينته ، فلم تجز شهادة من خرج من هذا الحد وشهد عن غير معاينة .
فإن قال قائل : يجوز للأعمى إقدامه على وطء امرأته إذا عرف صوتها فعلمنا أنه يقين ليس بشك ، إذ غير جائز لأحد الإقدام على الوطء بالشك . قيل له : يجوز له الإقدام على وطء امرأته بغالب الظن بأن زفت إليه امرأة وقيل له هذه امرأتك وهو لا يعرفها يحل له وطؤها ، وكذلك جائز له قبول هدية جارية بقول الرسول ، ويجوز له الإقدام على وطئها . ولو أخبره مخبر عن زيد بإقرار أو بيع أو قذف لما جاز له إقامة الشهادة على المخبر عنه ، لأن سبيل الشهادة اليقين والمشاهدة ، وسائر الأشياء التي ذكرت يجوز فيها استعمال غالب الظن وقبول قول الواحد ، فليس ذلك إذا أصلا للشهادة . وأما إذا استشهد وهو بصير ثم عمي ، فإنما لم نقبله من قبل أنا قد علمنا أن حال تحمل الشهادة أضعف من حال الأداء ، والدليل عليه أنه غير جائز أن يتحمل الشهادة وهو كافر أو عبد أو صبي ثم يؤديها وهو حر مسلم بالغ تقبل شهادته ، ولو أداها وهو صبي أو عبد أو كافر لم تجز ، فعلمنا أن حال الأداء أولى بالتأكيد من حال التحمل ، فإذا لم يصح تحمل الأعمى للشهادة وكان العمى مانعا من صحة التحمل ، وجب أن يمنع صحة الأداء . وأيضا لو استشهده وبينه وبينه حائل لما صحت شهادته ، وكذلك لو أداها وبينهما حائل لم تجز شهادته ، والعمى حائل بينه وبين المشهود عليه فوجب أن لا تجوز .
وفرق أبو يوسف بينهما بأن قال : يصح أن يتحمل الشهادة بمعاينته ثم يشهد عليه وهو غائب أو ميت فلا يمنع ذلك جوازها ، فكذلك عمى الشاهد بمنزلة موت المشهود عليه أو غيبته ، فلا يمنع قبول شهادته . والجواب عن ذلك من وجهين : أحدهما أنه إنما يجب اعتبار الشاهد في نفسه ، فإن كان من أهل الشهادة قبلناها وإن لم يكن من أهل الشهادة لم نقبلها ، والأعمى قد خرج من أن يكون من أهل الشهادة بعماه فلا اعتبار بغيره . وأما الغائب والميت فإن شهادة الشاهد عليهما صحيحة ، إذ لم يعترض فيه ما يخرجه من أن يكون من أهل الشهادة ، وغيبة المشهود عليه وموته لا تؤثر في شهادة الشاهد فلذلك جازت شهادته ، والوجه الآخر أنا لا نجيز الشهادة على الميت والغائب إلا أن يحضر عنه خصم فتقع الشهادة عليه فيقوم حضوره مقام حضور الغائب والميت ، والأعمى في معنى من يشهد على غير خصم حاضر فلا تصح شهادته .
فإن احتجوا بقوله تعالى : ( إذا تداينتم بدين ) إلى قوله تعالى : ( فاستشهدوا

605

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 605
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست