responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 588


بها لمن يجب ذلك عليه . والأصل وإن لم يكن واجبا عندنا ، فإن المتداينين متى قصدا إلى ما ندبهما إليه من الاستيثاق بالكتاب ولم يكونا عالمين بذلك ، فإنه فرض على من علم ذلك أن يبينه لهما ، وليس عليه أن يكتبه ولكن يبينه حتى يكتباه أو يكتبه لهما أجير أو متبرع بإملاء من يعلمه ، كما لو أراد انسان أن يصوم صوما تطوعا أو يصلي صلاة تطوع ولم يعرف أحكامهما ، كان على العالم بذلك إذا سئل أن يبينه لسائله ، وإن لم تكن هذه الصلاة والصوم فرضا ، لأن على العلماء بيان النوافل والمندوب إليه إذا سئلوا عنها ، كما أن عليهم بيان الفروض ، وقد كان على النبي صلى الله عليه وسلم بيان النوافل والمندوب إليه كما أن عليه بيان الفروض ، قال الله تعالى : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ) [ المائدة :
67 ] وقال تعالى : ( لتبين للناس ما نزل إليهم ) [ النحل : 44 ] . وفيما أنزل الله على نبيه أحكام النوافل ، فكان عليه بيانها لأمته كبيان الفروض . وقد نقلت الأمة عن نبيها صلى الله عليه وسلم بيان المندوب إليه كما نقلت عنه بيان الفروض ، وإذا كان كذلك فعلى من علم علما من فرض أو نفل ثم سئل عنه أن يبينه لسائله . وقال تعالى : ( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم ) [ آل عمران : 187 ] وقال صلى الله عليه وسلم : ( من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار ) . فعلى هذا الوجه يلزم من عرف الوثائق والشروط بيانها لسائلها على حسب ما يلزمه بيان سائر علوم الدين والشريعة .
وهذا فرض لازم للناس على الكفاية ، إذا قام به بعضهم سقط عن الباقين ، فأما أن يلزمه أن يتولى الكتابة بيده فهذا ما لا أعلم أحدا يقوله ، اللهم إلا أن لا يوجد من يكتبه ، فغير ممتنع أن يقول قائل ( عليه كتبه ) ولو كان كتب الكتاب فرضا على الكاتب لما كان الاستيجار يجوز عليه ، لأن الاستيجار على فعل الفروض باطل لا يصح ، فلما لم يختلف الفقهاء في جواز أخذ الأجرة على كتب كتاب الوثيقة دل ذلك على أن كتبه ليس بفرض لا على الكفاية ولا على التعيين .
قوله تعالى : ( ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله ) نهي للكاتب أن يكتب على خلاف العدل الذي أمر الله به ، وهذا النهي على الوجوب إذا كان المراد به كتبه على خلاف ما توجبه أحكام الشرع ، كما تقول : لا تصل النفل على غير طهارة ولا غير مستور العورة ، ليس ذلك أمرا بالصلاة النافلة ولا نهيا عن فعلها مطلقا ، وإنما هو نهي عن فعلها على غير شرائطها المشروطة لها ، وكذلك قوله تعالى : ( ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب ) هو نهي عن كتبه على خلاف الجائز منه ، إذ ليست الكتابة في الأصل واجبة عليه ، ألا ترى أن قول القائل ( لا تأب أن تصلي النافلة بطهارة وستر العورة ) ليس فيه إيجاب منه للنافلة ؟ فكذلك ما وصفنا .

588

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 588
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست