نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 587
وقوله تعالى : ( إلى أجل مسمى ) يعني : معلوما ، قد روي ذلك عن جماعة من السلف . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : من أسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ) . وقوله تعالى : ( وليكتب بينكم كاتب بالعدل ) فيه أمر لمن تولى كتابة الوثائق بين الناس أن يكتبها بالعدل بينهم ، والكتاب وإن لم يكن حتما فإن سبيله إذا كتب أن يكتب على حد العدل والاحتياط والتوثق من الأمور التي من أجلها يكتب الكتاب ، بأن يكون شرطا صحيحا جائزا على ما توجبه الشريعة وتقضينه . وعليه التحرز من العبارات المحتملة للمعاني وتجنب الألفاظ المشتركة وتحري تحقيق المعاني بألفاظ مبينة خارجة عن حد الشركة والاحتمال والتحرز من خلاف الفقهاء ما أمكن ، حتى يحصل للمداينين معنى الوثيقة والاحتياط المأمور بهما في الآية ، ولذلك قال تعالى عقيب الأمر بالكتاب : ( ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله ) يعني والله أعلم : ما بينه من أحكام العقود الصحيحة والمداينات الثابتة الجائزة ، لكي يحصل لكل وحد من المتداينين ما قصد من تصحيح عقد المداينة ، ولأن الكاتب بذلك إذا كان جاهلا بالحكم لا يأمن أن يكتب ما يفسد عليهما ما قصداه ويبطل ما تعاقداه . والكتاب وإن لم يكن حتما وكان ندبا وإرشادا إلى الأحوط فإنه متى كتب فواجب أن يكون على هذه الشريطة كما قال عز وجل : ( إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق ) [ المائدة : 6 ] فانتظم ذلك صلاة الفرض والنفل جميعا . ومعلوم أن النفل غير واجب عليه . ولكنه متى قصد فعلها وهو محدث فعليه أن لا يفعلها إلا بشرائطها من الطهارة وسائر أركانها . وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ) والسلم ليس بواجب ، ولكنه متى أراد أن يسلم فعليه استيفاء الشرائط ، فكذلك كتاب الدين والإشهاد ليس بواجبين ، ولكنه متى كتب فعلى الكاتب أن يكتبه على الوجه الذي أمره الله تعالى به ، وأن يستوفي فيه شروط صحته ، ليحصل المعنى المقصود بكتابته . وقد اختلف السلف في لزوم الكاتب الكتابة ، فروي عن الشعبي أنه قال : ( هو واجب على الكفاية كالجهاد ونحوه ) . وقال السدي : ( واجب على الكاتب في حال فراغه ) . وقال عطاء ومجاهد : ( هو واجب ) . وقال الضحاك : ( نسختها ( ولا يضار كاتب ولا شهيد ) . قال أبو بكر : قد بينا أن الكتاب غير واجب في الأصل على المتداينين ، فكيف يكون واجبا على الأجنبي الذي لا حكم له في هذا لعقد ولا سبب له فيه ؟ ! وعسى أن يكون من رآه واجبا إلى أن الأصل واجب ، فكذلك على من يحسن الكتابة أن يقوم
587
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 587