responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 572


يستحقه من التعزير والردع ، وكذلك ينبغي أن يكون حكم سائر المعاصي التي أوعد الله عليها العقاب إذا أصر الانسان عليها وجاهر بها ، وإن كان ممتنعا حورب عليها هو ومتبعوه وقوتلوا حتى ينتهوا ، وإن كانوا غير ممتنعين عاقبهم الإمام بمقدار ما يرى من العقوبة . وكذلك حكم من يأخذ أموال الناس من المتسلطين الظلمة وآخذي الضرائب ، واجب على كل المسلمين قتالهم وقتلهم إذا كانوا ممتنعين ، وهؤلاء أعظم جرما من آكلي الربا لانتهاكهم حرمة النهي وحرمة المسلمين جميعا . وآكل الربا إنما انتهك حرمة الله تعالى في أخذ الربا ولم ينتهك لمن يعطيه ذلك حرمة ، لأنه أعطاه بطيبة نفسه . وآخذوا الضرائب في معنى قطاع الطريق المنتهكين لحرمة نهي الله تعالى وحرمة المسلمين ، إذ كانوا يأخذونه جبرا وقهرا لا على تأويل ولا شبهة ، فجائز لمن علم من المسلمين إصرار هؤلاء على ما هم عليه من أخذ أموال الناس على وجه الضريبة أن يقتلهم كيف أمكنه قتلهم ، وكذلك أتباعهم وأعوانهم الذين بهم يقومون على أخذ الأموال ، وقد كان أبو بكر رضي الله عنه قاتل مانعي الزكاة لموافقة من الصحابة إياه على شيئين : أحدهما الكفر ، والآخر : منع الزكاة ، وذلك لأنهم امتنعوا من قبول فرض الزكاة ومن أدائها ، فانتظموا به معنيين : أحدهما الامتناع من قبول أمر الله تعالى وذلك كفر ، والآخر : الامتناع من أداء الصدقات المفروضة في أموالهم إلى الإمام فكان قتاله إياهم للأمرين جميعا ، ولذلك قال : ( لو منعوني عقالا ) وفي بعض الأخبار : ( عناقا مما كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه ) . فإنما قلنا إنهم كانوا كفارا ممتنعين من قبول فرض الزكاة ، لأن الصحابة سموهم أهل الردة ، وهذه السمة لازمة لهم إلى يومنا هذا ، وكانوا سبوا نساءهم وذراريهم ، ولو لم يكونوا مرتدين لما سار فيهم هذه السيرة ، وذلك شئ لم يختلف فيه الصدر الأول ولا من بعدهم من المسلمين ، أعني في أن القوم الذين قاتلهم أبو بكر كانوا أهل الردة . فالمقيم على أكل الربا إن كان مستحلا له فهو كافر ، وإن كان ممتنعا بجماعة تعضده سار فيهم الإمام بسيرته في أهل الردة إن كانوا قبل ذلك من جملة أهل الملة ، وإن اعترفوا بتحريمه وفعلوه غر مستحلين له قاتلهم الإمام إن كانوا ممتنعين حتى يتوبوا ، وإن لم يكونوا ممتنعين ردعهم عن ذلك بالضرب والحبس حتى ينتهوا .
وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل نجران وكانوا ذمة نصارى : ( إما أن تذروا الربا وإما أن تأذنوا بحرب من الله ورسوله ) . وروى أبو عبيد القاسم بن سلام قال : حدثني أيوب الدمشقي قال : حدثني سعدان بن يحيى ، عن عبد الله بن أبي حميد ، عن أبي مليح الهذلي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صالح أهل نجران ، فكتب كتابا في آخره : ( على أن لا تأكلوا الربا ، فمن أكل الربا فذمتي منه بريئة ) . فقوله تعالى : ( فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب

572

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 572
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست