responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 570


تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ) فأبطل الله من الربا ما لم يكن مقبوضا وإن كان معقودا قبل نزول التحريم ، ولم يتعقب بالفسخ ما كان منه مقبوضا بقوله تعالى : ( فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف ) وقد روي ذلك عن السدي وغيره من المفسرين . وقال تعالى : ( وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ) فأبطل منه ما بقي مما لم يقبض ، ولم يبطل المقبوض . ثم قال تعالى : ( وإن تبتم فلكم رؤس أموالكم ) وهو تأكيد لإبطال ما لم يقبض منه وأخذ رأس المال الذي لا ربا فيه ولا زيادة . وروي عن ابن عمر وجابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبته يوم حجة الوداع بمكة - وقال جابر بعرفات - ( إن كل ربا في الجاهلية فهو موضوع وأول ربا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب ) فكان فعله صلى الله عليه وسلم مواطئا لمعنى الآية في إبطال الله تعالى من الربا ما لم يكن مقبوضا وإمضائه ما كان مقبوضا .
وفيما روي في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم ضروب من الأحكام ، أحدها : أن كل ما طرأ على عقد البيع قبل القبض مما يوجب تحريمه فهو كالموجود في حال وقوعه ، وما طرأ بعد القبض مما يوجب تحريم ذلك العقد لم يوجب فسخه ، وذلك نحو النصرانيين إذا تبايعا عبدا بخمر فالبيع جائز عندنا ، وإن أسلم أحدهما قبل قبض الخمر بطل العقد ، وكذلك لو اشترى رجل مسلم صيدا ثم أحرم البائع أو المشتري بطل البيع ، لأنه قد طرأ عليه ما يوجب تحريم العقد قبل القبض ، كما أبطل الله تعالى من الربا ما لم يقبض لأنه طرأ عليه ما يوجب تحريمه قبل القبض ، وإن كانت الخمر مقبوضة ثم أسلما أو أحرما لم يبطل البيع كما لم يبطل الله الربا المقبوض حين أنزل التحريم ، فهذا جائز في نظائره من المسائل ولا يلزم عليه أن يقتل العبد المبيع قبل القبض ولا يبطل البيع ، وللمشتري اتباع الجاني من قبل أنه لم يطرأ على العقد ما يوجب تحريم العقد ، لأن العقد باق على هيئته التي كان عليها والقيمة قائمة مقام المبيع ، وإنما يعتبر المبيع وللمشتري الخيار فحسب .
وفيها دلالة على أن هلاك المبيع في يد البائع وسقوط القبض فيه يوجب بطلان العقد ، وهو قول أصحابنا والشافعي ، وقال مالك : ( لا يبطل والثمن لازم للمشتي إذا لم يمنعه ) . ودلالة الآية ظاهرة على أن قبض المبيع من تمام البيع وأن سقوط القبض يوجب بطلان العقد ، وذلك لأن الله تعالى لما أسقط قبض الربا أبطل العقد الذي عقداه وأمر بالاقتصار على رأس المال ، فدل ذلك على أن قبض المبيع من شرائط صحة العقد وأنه متى طرأ على العقد ما يسقطه أوجب ذلك بطلانه . وفيها الدلالة على أن العقود الواقعة في دار الحرب إذا ظهر عليها الإمام لا يعترض عليها بالفسخ وإن كانت معقودة على فساد ، لأنه معلوم أنه قد كان بين نزول الآية وبين خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ووضعه الربا الذي

570

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 570
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست