responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 546


بأرض ولستم بها فلا تهبطوا عليه ، وإذا كان وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا عنه ) . وروي عن أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله في الطاعون ، وروى الزهري عن عبد الحميد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن الحارث بن عبد الله بن نوفل عن ابن عباس : أن عمر خرج إلى الشام ، حتى إذا بسرغ لقيه التجار فقالوا : الأرض سقيمة ، فاستشار المهاجرين والأنصار فاختلفوا عليه فعزم على الرجوع ، فقال له أبو عبيدة : أفرارا من قدر الله ؟ فقال له عمر : لو غيرك يقولها يا أبا عبيدة ، نفر من قدر الله إلى قدر الله ! أرأيت لو كان لك إبل فهبطت بها واديا له عدوتان أحدهما خصيبة والأخرى جديبة ألست إن رعيت الخصيبة رعيتها بقدر الله وإن رعيت الجديبة وكان رعيتها بقدر الله ؟ فجاء عبد الرحمن بن عوف فقال :
عندي من هذا علم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : ( إذا سمعتم به في أرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه ) فحمد الله عمر وانصرف . ففي هذه الأخبار النهي عن الخروج عن الطاعون فرارا منه والنهي عن الهبوط عليه أيضا .
فإن قال قائل : إذا كانت الآجال مقدرة محصورة لا تتقدم ولا تتأخر عن وقتها ، فما وجه نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن دخول أرض بها الطاعون وهو قد منع الخروج منها بديا لأجله ولا فرق بين دخولها وبين البقاء فيها ؟ قيل له : إنما وجه النهي أنه إذا دخلها وبها الطاعون فجائز أن تدركه منيته وأجله بها ، فيقول قائل ، لو لم يدخلها ما مات ، فإنما نهاه عن دخولها لئلا يقال هذا ، وهو كقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم ) [ آل عمران : 166 ] فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخلها ، فعسى يموت فيها بأجله فيقول قوم من الجهال : لو لم يدخلها لم يمت . وقد أصاب بعض الشعراء في هذا المعنى حين قال :
يقولون لي لو كان بالرمل لم تمت * بثينة والأنباء يكذب قيلها ولو أنني استودعتها الشمس لاهتدت * إليها بالمنايا عينها ودليلها وعلى هذا المعنى الذي قدمنا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يوردن ذو عاهة على مصح ) مع قوله : ( لا عدوى ولا طيرة ) لئلا يقال إذا أصاب الصحيح عاهة بعد إيراد ذي عاهة عليه : إنما أعداه ما ورد عليه . وقيل له : يا رسول الله إن النقبة تكون بمشفر البعير فتجرب لها الإبل ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فما أعدى الأول ؟ ) . وقد روى هشام بن عروة عن أبيه ، أن الزبير استفتح مصرا فقيل له : إن هنا طاعونا ، فدخلها وقال : ما جئنا إلا للطعن والطاعون . وقد روي أن أبا بكر لما جهز الجيوش إلى الشام شيعهم ودعا لهم وقال :
( اللهم أفهم بالطعن والطاعون ! ) فاختلف أهل العلم في معنى ذلك ، فقال قائلون : لما

546

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 546
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست