نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 534
هبة شئ من مالها للزوج ولا لغيره ، فكذلك المهر لأنه مالها . وقوله من حمله على الولي خارج عن الأصول ، لأن أحدا لا يستحق الولاية على غيره في هبة مالها ، فلما كان قول القائلين بذلك مخالفا للأصول خارجا عنها وجب حمل معنى الآية على موافقتها ، إذ ليس ذلك أصلا بنفسه لاحتماله للمعاني ، وما ليس بأصل في نفسه فالواجب رده إلى غيره من الأصول واعتباره بها . وأيضا فلو كان المعنيان جميعا في حيز الاحتمال ووجد نظائرهما في الأصول لكان في مقتضى اللفظ ما يوجب أن يكون الزوج أولى بظاهر اللفظ من الولي ، وذلك لأن قوله تعالى : ( أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ) يقتضي أن الولي بحال لا حقيقة ولا مجازا ، لأن قوله تعالى : ( الذي بيده عقدة النكاح ) يقتضي أن تكون العقدة موجودة وهي في يد من هي في يده ، فأما عقدة غير موجودة فغير جائز إطلاق اللفظ عليها بأنها في يد أحد ، فلما لم تكن هناك عقدة موجودة في يد الولي قبل العقد ولا بعده وقد كانت العقدة في يد الزوج قبل الطلاق فقد تناوله اللفظ بحال ، فوجب أن يكون حمله على الزوج أولى منه على الولي . فإن قيل : إنما حكم الله بذلك بعد الطلاق ، وليست عقدة النكاح بيد الزوج بعد الطلاق . قيل له : يحتمل اللفظ بأن يريد الذي كان بيده عقدة النكاح ، والولي لم يكن بيده عقدة النكاح ، ولا هي في يده في الحال ، فكان الزوج أولى بمعنى الآية من الولي . ويدل على ذلك قوله تعالى في نسق التلاوة : ( ولا تنسوا الفضل بينكم ) فندبه إلى الفضل ، وقال تعالى : ( وأن تعفوا أقرب للتقوى ) وليس في هبة مال الغير إفضال منه على غيره ، والمرأة لم يكن منها إفضال . وفي تجويز عفو الولي اسقاط معنى الفضل المذكور في الآية ، وجعله تعالى بعد العفو أقرب للتقوى ، ولا تقوى له في هبة مال غيره ، وذلك الغير لم يقصد إلى العفو فلا يستحق به سمة التقوى . وأيضا فلا خلاف أن الزوج مندوب إلى ذلك ، وعفوه وتكميل المهر لها جائز منه ، فوجب أن يكون مرادا بها ، وإذا كان الزوج مرادا انتفى أن يكون الولي مرادا بها ، لأن السلف تأولوه على أحد معنيين : إما الزوج ، وإما الولي ، وإذ قد دللنا على أن الزوج مراد وجب أن تمتنع إرادة الولي . فإن قال قائل : على ما قدمنا فيما تضمنته الآية من الندب إلى الفضل وإلى ما يقرب من التقوى ، وإن كان ذلك خطابا مخصوصا به المالك دون من يهب مال الغير ، ليس يمتنع في الأصول أن تلحق هذه التسمية للولي وإن فعل ذلك في مال من يلي عليه ، والدليل على ذلك أنه يستحق الثواب باخراج صدقة الفطر عن الصغير من مال الصغير ، وكذلك الأضحية والختان . قيل : أغفلت موضع الحجاج مما قدمناه ، وذلك أنا قلنا : هو غير مستحق للثواب والفضل بالتبرع بمال الغير ، فعارضتنا بمن وجب عليه حق في ماله
534
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 534