responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 531


التسليم ، فلما اتفق الجميع على جواز نكاح المجبوب مع عدم الوطء دل ذلك على أن صحة العقد غير متعلقة بالوطء ، إذ لو كان كذلك لوجب أن لا يصح العقد عند عدم الوطء ، ألا ترى أنه لما تعلقت صحته بصحة التسليم كان من لا يصح منها التسليم من ذوات المحارم لم يصح عليها العقد ؟ وإذا كانت صحة العقد متعلقة بصحة التسليم من جهتها فواجب أن تستحق كمال المهر بعد صحة التسليم بحصول ما تعلقت به صحة العقد له ، وأيضا فإن المستحق من قبلها هو التسليم ووقوع الوطء إنما هو من قبل الزوج فعجزه وامتناعه لا يمنع من صحة استحقاق المهر ، ولذلك قال عمر رضي الله عنه في المخلو بها : ( لها المهر كاملا ، ما ذنبهن إن جاء العجز من قبلكم ؟ ) وأيضا لو استأجر دارا وخلى بينها وبينه استحق الأجر لوجود التسليم ، كذلك الخلوة في النكاح . وإنما قالوا إنها إذا كانت محرمة أو حائضا أو مريضة إن ذلك لا تستحق به كمال المهر ، من قبل أن هناك تسليما آخر صحيحا تستحق به كمال المهر ، إذ ليس ذلك تسليما صحيحا ، ولما لم يوجد التسليم المستحق بعقد النكاح لم تستحق كمال المهر . واحتج من أبى ذلك بظاهر قوله تعالى : ( وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ) وقال تعالى في آية أخرى ( إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ) فعلق استحقاق كمال المهر ووجوب العدة بوجود المسيس وهو الوطء ، إذ كان معلوما أنه لم يرد به وجود المس باليد . والجواب عن ذلك : أن قوله تعالى : ( من قبل أن تمسوهن ) قد اختلف الصحابة فيه على ما وصفنا ، فتأوله علي وعمر وابن عباس وزيد وابن عمر على الخلوة ، فليس يخلو هؤلاء من أن يكونوا تأولوها من طريق اللغة أو من جهة أنه اسم له في الشرع ، إذ غير جائز تأويل اللفظ على ما ليس باسم له في الشرع ولا في اللغة ، فإن كان ذلك عندهم اسما له من طريق اللغة فهم حجة فيها لأنهم أعلم باللغة ممن جاء بعدهم ، وإن كان من طريق الشرع فأسماء الشرع لا تؤخذ إلا توقيفا ، وإذا صار ذلك اسما لها صار تقدير الآية : ( وإن طلقتموهن من قبل الخلوة فنصف ما فرضتم ) وأيضا لما اتفقوا على أنه لم يرد به حقيقة المس باليد وتأوله بعضهم على الجماع وبعضهم على الخلوة ، ومتى كان اسما للجماع كان كناية عنه ، وجائز أن يكون حكمه كذلك ، وإذا أريد به الخلوة سقط اعتبار ظاهر اللفظ ، لاتفاق الجميع على أنه لم يرد حقيقة معناه وهو المس باليد ، ووجب طلب الدليل على الحكم من غيره ، وما ذكرناه من الدلالة يقتضي أن مراد الآية هو الخلوة دون الجماع ، فأقل أحواله أن لا يخص به ما ذكرنا من ظاهر الآي والسنة . وأيضا لو اعتبرنا حقيقة اللفظ اقتضى ذلك أن يكون لو خلا بها ومسها بيده أن تستحق كمال المهر لوجود حقيقة المس ، وإذا لم يخل بها ومسها بيده خصصناه بالإجماع ، وأيضا لو كان المراد الجماع ، فليس يمتنع أن يقوم مقامه

531

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 531
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست