نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 513
وأما قوله ( إنما حيز التعريض بالنكاح دون التصريح لأن النكاح لا يكون إلا منهما ويقتضي خطبته جوابا منها ولا يقتضي التعريض جوابا في الأغلب ) فإنه كلام فارغ لا معنى تحته ، وهو مع ذلك منتقض ، وذلك التعريض بالنكاح والتصريح به لا يقتضي واحد منهما جوابا ، لأن النهي إنما انصرف إلى خطبتها لوقت مستقبل بعد انقضاء العدة بقوله تعالى : ( ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ) وذلك لا يقتضي الجواب كما لا يقتضي التعريض ، ولم يجز الخطاب عن النهي عن العقد المقتضي للجواب حتى يفرق بينهما بما ذكر ، فقد بان بذلك أنه لا فرق بين التعريض والتصريح في نفي اقتضاء الجواب ، وهذا الموضع هو الذي فرقت الآية فيه بين الأمرين ، فأما العقد المقتضي للجواب فإنما هو منهي عنه بقوله تعالى : ( ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله ) وإن كان نهيه عن العقد نفسه فقد اقتضاه نهيه عن الإفصاح بالخطبة من جهة الدلالة ، كدلالة قوله تعالى : ( ولا تقل لهما أف ) [ الإسراء : 23 ] على حظر الشتم والضرب . وأما وجه انتقاضه ، فإنه لا خلاف أن العقود المقتضية للجواب لا تصح بالتعريض ، وكذلك الإقرارات لا تصح بالتعريض وإن لم تقتض جوابا من المقر له ، فلم يختلف حكم ما يقتضي من ذلك جوابا ومالا يقتضيه ، فعلمت أن اختلافهما من هذا الوجه لا يوجب الفرق بينهما . وأما قوله تعالى : ( ولكن لا تواعدوهن سرا ) فإنه مختلف في المراد به ، فقال ابن عباس وسعيد بن جبير والشعبي ومجاهد : ( مواعدة السر أن يأخذ عليها عهدا أو ميثاقا أن تحبس نفسها عليه ولا تنكح زوجا غيره ) . وقال الحسن وإبراهيم وأبو مجلز ومحمد وجابر بن زيد : ( لا تواعدوهن سرا ) : ( الزنا ) . وقال زيد بن أسلم : ( لا تواعدوهن سرا ) : ( لا تنكح المرأة في عدتها ثم تقول سأسره ولا يعلم به ، أو يدخل عليها فيقول لا يعلم بدخولي حتى تنقضي العدة ) . قال أبو بكر : اللفظ محتمل لهذه المعاني كلها ، لأن الزنا قد يسمى سرا ، قال الحطيئة : ويحرم سر جارتهم عليهم * ويأكل جارهم أنف القصاع وأراد بالسر الزنا ، وصفهم بالعفة عن نساء جيرانهم . وقال رؤبة يصف حمار الوحش وأتانه لما كف عنها حين حملت : قد أحصنت مثل دعاميص الرنق * أجنة في مستكنات الحلق فعف إلى عن أسرارها بعد العسق
513
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 513