responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 51


حكما ) فهي هذه الأمثال والمواعظ التي يتعظ بها الناس . وأما قوله ( إن من القول عيالا ) فعرضك كلامك وحديثك على من ليس من شأنه ولا يريده . فسمى النبي عليه السلام بعض البيان سحرا ، لأن صاحبه بين أن ينبئ عن حق فيوضحه ويجليه بحسن بيانه بعد أن كان خفيا ، فهذا من السحر الحلال الذي أقر النبي عليه السلام عمر بن الأهتم عليه ولم يسخطه منه .
وروى أن رجلا تكلم بكلام بليغ عند عمر بن عبد العزيز فقال عمر : ( هذا والله السحر الحلال ) . وبين أن يصور الباطل في صورة الحق ببيانه ويخدع السامعين بتمويهه .
ومتى أطلق فهو اسم لكل أمر مموه باطل لا حقيقة له ولا ثبات ، قال الله تعالى : ( سحروا أعين الناس ) [ الأعراف : 116 ] يعني موهوا عليهم حتى ظنوا أن حبالهم وعصيهم تسعى . وقال : [ يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى ) [ طه : 166 ] فأخبر أن ما ظنوه سعيا منها لم يكن سعيا وإنما كان تخييلا . وقد قيل : إنها كانت عصيا مجوفة قد ملئت زئبقا ، وكذلك الحبال كانت معمولة من أدم محشوة زئبقا ، وقد حفروا قبل ذلك تحت المواضع أسرابا وجعلوا آزاجا وملؤها نارا ، فلما طرحت عليه وحمى الزئبق حركها ، لأن من شأن الزئبق إذا أصابته النار أن يطير ، فأخبر الله أن ذلك كان مموها على غير حقيقته .
والعرب تقول لضرب من الحلي ( مسحور ) أي مموه على من رآه مسحور به عينه . فما كان من البيان على حق ويوضحه فهو من السحر الحلال ، وما كان منه مقصودا به إلى تمويه وخديعة وتصوير باطل في صورة الحق فهو من السحر المذموم .
فإن قيل : إذا كان موضوع السحر التمويه والإخفاء فكيف يجوز أن يسمى ما يوضح الحق وينبئ عنه سحرا ، وهو إنما أظهر بذلك ما خفي ولم يقصد به إلى إخفاء ما ظهر وإظهاره غير حقيقة ؟ قيل له : سمي ذلك سحرا من حيث كان الأغلب في ظن السامع أنه لو ورد عليه المعنى بلفظ مستنكر غير مبين لما صادف منه قبولا ولا أصغى إليه ، ومتى سمع المعنى بعبارة مقبولة عذبة لا فساد فيها ولا استنكار وقد تأتي لها بلفظه وحسن بيانه بما لا يتأتى له الغبي الذي لا بيان له أصغى إليه وسمعه وقبله ، فسمى استمالته للقلوب بهذا الضرب من البيان سحرا كما يستميل الساحر قلوب الحاضرين إلى ما موه به ولبسه ، فمن هذا الوجه سمى البيان سحرا لا من الوجه الذي ظننت . ويجوز أن يكون إنما سمي البيان سحرا لأن المقتدر على البيان ربما قبح ببيانه بعض ما هو حسن وحسن عنده بعض ما هو قبيح فسماه لذلك سحرا ، كما سمي ما موه به صاحبه وأظهر على غير حقيقته سحرا .
قال أبو بكر رحمه الله : واسم السحر إنما أطلق على البيان مجازا لا حقيقة

51

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 51
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست