نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 503
عنها زوجها ، وإن كان مذكورا عقيب ذكر الطلاق ، لاعتبار الجميع بالحمل في انقضاء العدة ، لأنهم قالوا جميعا : ( إن مضي الشهور لا تنقضي به عدتها إذا كانت حاملا حتى تضع حملها ) فوجب أن يكون قوله تعالى : ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) [ الطلاق : 4 ] مستعملا على مقتضاه وموجبه وغير جائز اعتبار الشهور معه . ويدل على ذلك أيضا عدة الشهور خاصة في غير المتوفى عنها زوجها . ويدل عليه أيضا أن قوله تعالى : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) مستعمل في المطلقات غير الحوامل ، وأن الأقراء غير مشروطة مع الحمل في الحامل ، بل كانت عدة الحامل المطلقة وضع الحمل من غير ضم الأقراء إليها . وقد كان جائزا أن يكون الحمل والأقراء مجموعين عدة لها بأن لا تنقضي عدتها بوضع الحمل حتى تحيض ثلاث حيض ، فكذلك يجب أن تكون عدة الحامل المتوفى عنها زوجها هي الحمل غير مضموم إليه الشهور . وروي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قلت يا رسول الله في هذه الآية حين نزلت ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) [ الطلاق : 4 ] في المطلقة والمتوفى عنها زوجها ؟ قال : ( فيهما جميعا ) . وقد روت أم سلمة أن سبيعة بنت الحارث ولدت بعد وفاة زوجها بأربعين ليلة ، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن تتزوج . وروى منصور عن إبراهيم عن الأسود عن أبي السنابل بن بعكك ( أن سبيعة بنت الحارث وضعت بعد وفاة زوجها ببضع وعشرين ليلة ، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتزوج ) . وهذا حديث قد ورد من طرق صحيحة لا مساغ لأحد في العدول عنه مع ما عضده من ظاهر الكتاب . وهذه الآية خاصة في الحرائر دون الإماء ، لأنه لا خلاف بين السلف فيما نعلمه وبين فقهاء الأمصار في أن عدة الأمة المتوفى عنها زوجها شهران وخمسة أيام نصف عدة الحرة . وقد حكي عن الأصم أنها عامة في الأمة والحرة ، وكذلك يقول في عدة الأمة في الطلاق أنها ثلاث حيض وهو قول شاذ خارج عن أقاويل السلف والخلف مخالف للسنة ، لأن السلف لم يختلفوا في أن عدة الأمة من الحيض والشهور على النصف من عدة الحرة ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( طلاق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان ) وهذا خبر قد تلقاه الفقهاء بالقبول واستعملوه في تنصيف عدة الأمة ، فهو في حيز التواتر الموجب للعلم عندنا . واختلف السلف في المتوفى عنها زوجها إذا لم تعلم بموته وبلغها الخبر ، فقال ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وعطاء وجابر بن زيد : ( عدتها منذ يوم يموت ، وكذلك في الطلاق من يوم طلق ) وهو قول الأسود بن زيد في آخرين ، وهو قول فقهاء الأمصار . وقال علي والحسن البصري وخلاس بن عمرو : ( من يوم يأتيها الخبر في الموت ، وفي
503
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 503