responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 48


الأسير . وقد روى عمران بن حصين وسلمة بن الأكوع : ( أن النبي عليه السلام فدى أسارى من المسلمين بالمشركين ) . وروى الثوري عن عبد الله بن شريك عن بشر بن غالب قال : ( سئل الحسين بن علي عليهما السلام : على من فدى الأسير ؟ قال : على الأرض التي يقاتل عنها ) .
قوله تعالى : ( قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ) روى أن النبي عليه السلام قال : ( لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا أو لرأوا مقاعدهم من النار ، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا ) . وقال ابن عباس : ( لو تمنوا الموت لشرقوا به ولماتوا ) .
وقيل في تمني الموت وجهان : أحدهما قول ابن عباس أنهم تحدوا بأن يدعوا بالموت على أن الفريقين كانا كاذبا . وقال أبو العالية وقتادة والربيع بن أنس : لما قالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ، وقالوا نحن أبناء الله وأحباؤه ، قيل لهم :
فتمنوا الموت ! فمن كان بهذه الصفة فالموت خير له من الحياة في الدنيا ، فتضمنت الآية معنيين ، أحدهما : إظهار كذبهم وتبكيتهم به ، والثاني : الدلالة على نبوة النبي عليه السلام ، وذلك أنه تحداهم بذلك كما أمر الله تعالى بتحدي النصارى بالمباهلة ، فلولا علمهم بصدقه صلى الله عليه وسلم وكذبهم لسارعوا إلى تمني الموت ولسارعت النصارى إلى المباهلة ، لا سيما وقد أخبر الفريقين أنهم لو فعلوا ذلك لنزل الموت والعذاب بهم ، وكان يكون في إظهارهم التمني والمباهلة تكذيب له ودحض لحجته إذا لم ينزل بهم ما أوعدهم ، فلما أحجموا عن ذلك مع التحدي والوعيد مع سهولة هذا القول دل ذلك على علمهم بصحة نبوته بما عرفوه من كتبهم من نعته وصفته كما قال تعالى : ( ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم ) .
فيه دلالة أخرى على صحة نبوته ، وهو إخبارهم أنهم لا يتمنون الموت مع خفة التمني وسهولته على المتلفظ وسلامة ألسنتهم ، فكان ذلك بمنزلة لو قال لهم : الدلالة على صحة نبوتي أن أحدا منكم لا يمس رأسه مع صحة جوارحه ، وأنه إن مس أحد منكم رأسه فأنا مبطل ! فلا يمس أحدا منهم رأسه مع شدة عداوتهم له وحرصهم على تكذيبه ومع سلامة أعضائهم وصحة جوارحهم ، فيعلم بذلك أنه من عند الله تعالى من وجهين :
أحدهما : أن عاقلا لا يتحدى أعداءه بمثله مع علمه بجواز وقوع ذلك منهم . والثاني :
أنه إخبار بالغيب ، إذ لم يتمن واحد منهم الموت ، وكون مخبره على ما أخبر به ، وهذا كقوله حين تحداهم بالقرآن وقرعهم بالإتيان بسورة مثله وإخباره أنهم لا يفعلون بقوله :
( فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا ) [ البقرة : 24 ] .

48

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 48
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست