responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 47


يختلف فيه شرائع الأنبياء عليهم السلام ، فدل ذلك على أن المأمور به من القول الحسن أحد وجهين : إما أن يكون ذلك خاصا في المسلمين ومن لا يستحق اللعن والنكير ، وإن كان عاما فهو الدعاء إلى الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وذلك كله حسن . وأخبرنا الله تعالى أنه كان أخذ الميثاق على بني إسرائيل بما ذكر ، والميثاق وهو العقد المؤكد إما بوعيد أو بيمين ، وهو نحو أمر الله الصحابة بمبايعة النبي صلى الله عليه وسلم على شرائطها المذكورة .
وقوله تعالى : ( وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ) يحتمل وجهين أحدهما لا يقتل بعضكم بعضا كقوله تعالى : ( ولا تقتلوا أنفسكم ) [ النساء : 29 ] وكذلك إخراجهم من ديارهم ، وكقوله : ( وقاتلوا وقتلوا ) [ آل عمران : 195 ] والآخر : أن لا يقتل كل واحد نفسه ، إما بأن يباشر ذلك كما يفعله الهند وكثير ممن يغلب عليه اليأس عند الخلاص من شدة هو فيها ، أو بأن يقتل غيره فيقتل به فيكون في معنى قتل نفسه . واحتمال اللفظين المعنيين يوجب أن يكون عليهما جميعا .
وهذا الذي أخبر الله به من حكم شريعة التوراة مما كان يكتمه اليهود لما عليهم في ذلك من الوكس ويلزمهم في ذلك من الذم ، فأطلع الله نبيه عليه وجعله دلالة وحجة عليهم في جحدهم نبوته ، إذ لم يكن عليه السلام ممن قرأ الكتب ولا عرف ما فيها إلا بإعلام الله تعالى إياه . وكذلك جميع ما حكى الله بعد هذه الآيات عنهم من قوله : ( وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ) وسائر ما ذمهم هو توقيف منه له على ما كانوا يكتمون وتقريع لهم على ظلمهم وكفرهم وإظهار قبائحهم ، وجميعه دلالة على نبوته عليه السلام .
وقوله تعالى : ( وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ) دال على أن فداء أساراهم كان واجبا عليهم ، وكان اخراج فريق منهم من ديارهم محرما عليهم ، فإذا أسر بعضهم عدوهم كان عليهم أن يفادوهم ، فكانوا في إخراجهم كافرين ببعض الكتاب لفعلهم ما حظره الله عليهم وفي مفاداتهم مؤمنين ببعض الكتاب بقيامهم بما أوجبه الله عليهم .
وهذا الحكم من وجوب مفاداة الأسارى ثابت علينا : روى الحجاج بن أرطاة عن الحكم عن جده : ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب كتابا بين المهاجرين والأنصار أن يعقلوا معاقلهم ويفدوا عانيهم بالمعروف والإصلاح بين المسلمين ) . ورى منصور عن شقيق بن سلمة عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أطعموا الطعام وأفشوا السلام وعودوا المريض يكون وفكوا العاني ) فهذان الخبران يدلان على فكاك الأسير ، لأن العاني هو

47

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 47
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست