نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 471
لم يكن الطلاق واقعا لما احتاج إلى الرجعة وكانت لا تصح رجعته ، لأنه لا يجوز أن يقال راجع امرأته ولم يطلقها ، إذ كانت الرجعة لا تكون إلا بعد الطلاق ، ولو صح ما روي أنه لم يره شيئا كان معناه أنه لم يبنها منه بذلك الطلاق ولم تقع الزوجة . قوله تعالى : ( فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) قال أبو بكر : لما كانت ( الفاء ) للتعقيب ، وقال : ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) اقتضى ذلك كون الإمساك المذكور بعد الطلاق ، وهذا الإمساك إنما هو الرجعة لأنه ضد الطلاق ، وقد كان وقوع الطلاق موجبه التفرقة عند انقضاء العدة ، فسمى الله الرجعة إمساكا لبقاء النكاح بها بعد مضي ثلاث حيض ، ورفع حكم البينونة المتعلقة بانقضاء العدة . وإنما أباح له إمساكا على وصف ، وهو أن يكون بمعروف ، وهو وقوعه على وجه يحسن ويجمل فلا يقصد به ضرارها على ما ذكره في قوله تعالى : ( ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ) وإنما أباح له الرجعة على هذه الشريطة ، ومتى أرجع بغير معروف كان عاصيا ، فالرجعة صحيحة بدلالة قوله تعالى : ( ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ) فلولا صحة الرجعة لما كان لنفسه ظالما بها . وفي قوله تعالى : ( فإمساك بمعروف ) دلالة على وقوع الرجعة بالجماع ، لأن الإمساك على النكاح إنما هو الجماع وتوابعه من اللمس والقبلة ونحوها . والدليل عليه أن من يحرم عليه جماعها تحريما مؤبدا لا يصح له عقد النكاح عليها ، فدل ذلك على أن الإمساك على النكاح مختص بالجماع ، فيكون بالجماع ممسكا لها ، وكذلك اللمس والقبلة للشهوة والنظر إلى الفرج بشهوة إذ كانت صحة عقد النكاح مختصة باستباحة هذه الأشياء ، فمتى فعل شيئا من ذلك كان ممسكا لها بعموم قوله تعالى : ( فإمساك بمعروف ) وأما قوله : ( أو تسريح بإحسان ) فقد قيل فيه وجهان : أحدهما أن المراد به الثالثة ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث غير ثابت من طريق النقل ، ويرده الظاهر أيضا ، وهو ما حدثنا عبد الله بن إسحاق المروزي قال : حدثنا الحسن بن أبي الربيع الجرجاني قال : أخبرنا عبد الرازق قال : أخبرنا الثوري عن إسماعيل عن أبي رزين قال : قال رجل : يا رسول الله أسمع الله يقول : ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) فأين الثالثة ؟ قال : ( التسريح بإحسان ) . وقد روي عن جماعة من السلف منهم السدي والضحاك أنه تركها حتى تنقضي عدتها . وهذا التأويل أصح إذ لم يكن الخبر المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ثابتا ، وذلك من وجوه : أحدها أن سائر المواضع الذي ذكره الله فيها عقيب الطلاق الإمساك والفراق ، فإنما أراد به ترك الرجعة حتى تنقضي عدتها منه . قوله تعالى : ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن
471
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 471