responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 462


فإن قيل : قد روي عن أبي حنيفة أنه إذا طلقها ثم راجعها في ذلك الطهر جاز له إيقاع تطليقة أخرى في ذلك الطهر ، فقد خالف بذلك ما أردت تأكيده من الزيادة المذكورة في الخبر . قيل له : ذكرنا هذه المسألة في الأصول ، ومنعه من إيقاع التطليقة الثانية في ذلك الطهر وإن راجعها حتى يفصل بينهما بحيضة ، وهذا هو الصحيح ، والرواية الأخرى غير معمول عليها . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن إيقاع الثلاث مجموعة بما لا مساغ للتأويل فيه ، وهو ما حدثنا ابن قانع قال : حدثنا محمد بن شاذان الجوهري قال : حدثنا معلى بن منصور قال : حدثنا سعيد بن زريق : أن عطاء الخراساني حدثهم عن الحسن قال : حدثنا عبد الله بن عمر أنه طلق امرأته تطليقة وهي حائض ثم أراد أن يتبعها بتطليقتين أخريين عند القرئين الباقيين ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ( يا ابن عمر ما هكذا أمرك الله إنك قد أخطأت السنة ، والسنة أن تستقبل الطهر فتطلق لكل قرء ) فأمرني رسول الله فراجعتها وقال : ( إذا هي طهرت فطلق عند ذلك أو أمسك ) فقلت : يا رسول الله أرأيت لو كنت طلقتها ثلاثا أكان لي أن أراجعها ؟ قال : ( لا ، كانت تبين وتكون معصية ) ، فأخبر صلى الله عليه وسلم نصا في هذا الحديث بكون الثلاث معصية .
فإن قيل : لما قال النبي صلى الله عليه وسلم في سائر أخبار ابن عمر حين ذكر الطهر الذي هو وقت لإيقاع طلاق السنة : ( ثم ليطلقها إن شاء ) ولم يخصص ثلاثا مما دونها ، كان ذلك إطلاقا للاثنتين والثلاث معا . قيل له : لما ثبت بما قدمنا من إيجابه الفصل بين التطليقتين بحيضة ، ثم عطف عليه بقوله : ( ثم ليطلقها إن شاء ) علمنا أنه إنما أراد واحدة لا أكثر منها ، لاستحالة إرادته نسخ ما أوجبه بديا من إيجابه الفصل بينهما وما اقتضاه ذلك من حظر الجمع بين تطليقتين ، إذ غير جائز وجود الناسخ والمنسوخ في خطاب واحد ، لأن النسخ لا يصح إلا بعد استقرار الحكم والتمكين من الفعل ، ألا ترى أنه لا يجوز أن يقول في خطاب واحد : قد أبحت لكم ذا الناب من السباع وقد حظرته عليكم ؟ لأن ذلك عبث ، والله تعالى منزه عن فعل العبث . وإذا ثبت ذلك علمنا أن قوله :
( ثم ليطلقها إن شاء ) مبني على ما تقدم من حكمه في ابتداء الخطاب ، وهو أن لا يجمع بين اثنتين في طهر واحد . وأيضا فلو خلا هذا اللفظ من دلالة حظر الجمع بين التطليقتين في طهر واحد لما دل على إباحته لوروده مطلقا عاريا من ذكر ما تقدم ، لأن قوله : ( ثم ليطلقها إن شاء ) لم يقتض اللفظ أكثر من واحد ، وكذلك نقول في نظائر ذلك من الأوامر : إنه إنما يقتضي أدنى ما يتناوله الاسم وإنما يصرف إلى الأكثر بدلالة ، كقول الرجل لآخر ( طلق امرأتي ) أن الذي يجوز له إيقاعه بالأمر إنما هو تطليقة واحدة لا أكثر منها ، وكذلك قال أصحابنا فيمن قال لعبده ( تزوج ) أنه يقع على امرأة واحدة ، فإن تزوج

462

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 462
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست