نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 460
عن إبراهيم عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يستحبون أن لا يزيدوا في الطلاق على واحدة حتى تنقضي العدة ، وأن هذا عندهم أفضل من أن يطلقها ثلاثا عند كل طهر واحدة ) . وقال مالك وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون والليث بن سعد والحسن بن صالح والأوزاعي : ( طلاق السنة أن يطلقها في طهر قبل الجماع تطليقة واحدة ويكرهون أن يطلقها ثلاثا في ثلاثة أطهار ، لكنه إن لم يرد رجعتها ) تركها حتى تنقضي عدتها من الواحدة ) . وقال الشافعي فيما رواه عنه المزني : ( لا يحرم عليه أن يطلقها ثلاثا ، ولو قال لها أنت طالق ثلاثا للسنة وهي طاهر من غير جماع ، طلقت ثلاثا معا ) . قال أبو بكر : فنبدأ بالكلام على الشافعي في ذلك ، فنقول : إن دلالة الآية التي تلونا ظاهرة في بطلان هذه المقالة ، لأنها تضمنت الأمر بإيقاع الاثنتين في مرتين ، فمن أوقع الاثنتين في مرة فهو مخالف لحكمها ، ومما يدل على ذلك قوله تعالى : ( لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) [ المائدة : 87 ] وظاهره يقتضي تحريم الثلاث لما فيها من تحريم ما أحل لنا من الطيبات . والدليل على أن الزوجات قد تناولهن هذا العموم قوله تعالى : ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء ) [ النساء : 3 ] فوجب بحق العموم حظر الطلاق الموجب لتحريمها ، ولولا قيام الدلالة في إباحة إيقاع الثلاث في وقت السنة وإيقاع الواحدة لغير المدخول بها لاقتضت الآية حظره . ومن جهة أخرى من دلائل الكتاب ، أن الله تعالى لم يبح الطلاق ابتداء لمن تجب عليها العدة لا مقرونا بذكر الرجعة ، منها قوله تعالى : ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف ) وقوله تعالى : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) وقوله تعالى : ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ) أو فارقوهن بمعروف ، فلم يبح الطلاق المبتدأ لذوات العدد إلا مقرونا بذكر الرجعة . وحكم الطلاق مأخوذ من هذه الآيات ، لولاها لم يكن الطلاق من أحكام الشرع ، فلم يجز لنا إثباته مسنونا إلا على هذه الشريطة وبهذا الوصف . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أدخل في أمرنا ما ليس منه فهو رد ) وأقل أحوال هذا اللفظ حظر خلاف ما تضمنته الآيات التي تلونت من إيقاع الطلاق المبتدأ مقرونا بما يوجب الرجعة . ويدل عليه من جهة السنة ما حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن عمر : أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال : ( مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد ذلك وإن شاء طلق قبل أن يمس ، فتلك العدة أمر الله أن يطلق لها النساء ) . وحدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا أحمد بن صالح قال : حدثنا عنبسة قال : حدثنا يونس عن ابن شهاب قال :
460
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 460