نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 433
أبو بكر : هذا قول يدفعه ظاهر الكتاب ، وهو قوله تعالى : ( للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر ) فجعل هذه المدة تربصا للفئ فيها ولم يجعل له التربص أكثر منها ، فمن امتنع من جماعها باليمين هذه المدة أكسبه ذلك حكم الإيلاء الطلاق ، ولا فرق بين الحلف على الأربعة الأشهر وبينه على أكثر منها ، إذ ليس له تربص أكثر من هذه المدة ومع ذلك فإن ظاهر الكتاب يقتضي كونه موليا في حلفه على أربعة أشهر وأقل منها ، وأكثر منها لأن مدة الحلف غير مذكورة في الآية ، وإنما خصصنا ما دونها بدلالة وبقي حكم اللفظ في الأربعة الأشهر وما فوقها . فإن قيل : إذا حلف على أربعة أشهر سواء لم يصح تعلق الطلاق بها ، لأنك توقع الطلاق بمضيها ولا إيلاء هناك . قيل له : لا يمتنع ، لأن مضي المدة إذا كان سببا للإيقاع لم يجب اعتبار بقاء اليمين في حال وقوعه ، ألا ترى أن مضي الحول لما كان سببا لوجوب الزكاة فليس بواجب أن يكون الحول موجودا في حال الوجوب بل يكون معدوما منقضيا ؟ وإن من قال لامرأته ( إن كلمت فلانا فأنت طالق ) كانت هذه يمينا معقودة ؟ فإن كلمته طلقت في الحال ، وقد انحلت فيها اليمين ، وبطلت كذلك مضي مدة الإيلاء لما كان سببا لوقوع الطلاق لم يمتنع وقوعه واليمين غير موجودة . وقوله تعالى : ( فإن فاؤا فإن الله غفور رحيم ) قال أبو بكر : الفئ في اللغة هو الرجوع إلى الشئ ، ومنه قوله تعالى : ( حتى تفئ إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل ) [ الحجرات : 9 ] يعني حتى ترجع من البغي إلى العدل الذي هو أمر الله . وإذا كان الفئ الرجوع إلى الشئ اقتضى ظاهر اللفظ أنه إذا حلف أن لا يجامعها على وجه الضرار ثم قال لها : ( قد فئت إليك وقد أعرضت عما عزت عليه من هجران فراشك باليمين ) أن يكون قد فاء إليها ، سواء كان قادرا على الجماع أو عاجزا . هذا هو مقتضى ظاهر اللفظ ، إلا أن أهل العلم متفقون على أنه إذا أمكنه الوصول إليها لم يكن فيئه إلا الجماع . واختلفوا فيمن آلى وهو مريض أو بينه وبينها مسيرة أربعة أشهر أو هي رتقاء أو صغيرة أو هو مجبوب ، فقال أصحابنا : ( إذا فاء إليها بلسانه ومضت المدة والعذر قائم فذلك فئ صحيح ولا تطلق بمضي المدة ، ولو كان محرما بالحج وبينه وبين الحج أربعة أشهر لم يكن فيئه إلا الجماع ) . وقال زفر : ( فيئه بالقول ) . وقال ابن القاسم : ( إذا آلى وهي صغيرة لا تجامع مثلها لم يكن موليا حتى تبلغ الوطء ، ثم يوقف بعد مضي أربعة أشهر مذ بلغت الوطء ) ، وهو رأي ابن القاسم بن عمرو ، ولم يروه عن مالك . وقال ابن وهب عن مالك في المولي إذا وقف عند انقضاء الأربعة الأشهر ثم راجع امرأته : ( إنه إن
433
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 433