responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 429


وهو ضرب من الجرأة على الله تعالى وابتذال لاسمه في كل حق وباطل ، لأن تبروا في الحلف بها وتتقوا المأثم فيها . وروي نحوه عن عائشة ، من أكثر ذكر شئ فقد جعله عرضة ، يقول القائل : قد جعلتني عرضة للوم . وقال الشاعر :
لا تجعليني عرضة اللوائم وقد ذم الله تعالى مكثري الحلف بقوله : ( ولا تطع كل حلاف مهين ) [ القلم : 10 ] فالمعنى : لا تعترضوا اسم الله وتبذلوه أو في كل شئ لأن تبروا إذا حلفتم وتتقوا المآثم فيها إذا قلت أيمانكم ، لأن كثرتها تبعد من البر والتقوى وتقرب من المآثم والجرأة على الله تعالى . فكان المعنى : أن الله ينهاكم عن كثرة الأيمان والجرأة على الله تعالى لما في توقي ذلك من البر والتقوى والإصلاح فتكونون بررة أتقياء ، لقوله : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) [ آل عمران : 110 ] . وإذا كانت الآية محتملة للمعنيين وليسا متضادين ، فالواجب حملها عليهما جميعا ، فتكون مفيدة لحظر ابتذاله اسما لله تعالى واعتراضه باليمين في كل شئ حقا كان أو باطلا ، ويكون مع ذلك محظورا عليه أن يجعل يمينه عرضة مانعة من البر والتقوى والإصلاح وإن لم يكثر ، بل الواجب عليه أن لا يكثر اليمين ، ومتى حلف لم يحتجر بيمينه عن فعل ما حلف عليه إذا كان طاعة وبرا وتقوى وإصلاحا ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه ) .
قوله تعالى : ( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ) الآية . قال أبو بكر رحمه الله :
قد ذكر الله تعالى اللغو في مواضع ، فكان المراد به معاني مختلفة على حسب الأحوال التي خرج عليها الكلام ، فقال تعالى : ( لا تسمع فيها لاغية ) [ الغاشية : 11 ] يعني : كلمة فاحشة قبيحة . و ( لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما ) [ الواقعة : 25 ] على هذا المعنى .
وقال : ( وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه ) [ القصص : 55 ] يعني : الكفر والكلام القبيح .
وقال ( والغوا فيه ) يعني : الكلام الذي لا يفيد شيئا ليشغلوا السامعين عنه . وقال : ( وإذا مروا باللغو مروا كراما ) [ الفرقان : 72 ] يعني الباطل . ويقال : لغا في كلامه يلغو ، إذا أتى بكلام لا فائدة فيه .
وقد روي في لغو اليمين معان عن السلف ، فروي عن ابن عباس أنه قال : ( هو الرجل يحلف على الشئ يراه كذلك فلا يكون ) . وكذلك روي عن مجاهد وإبراهيم ، قال مجاهد : ( ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ) : ( أن تحلف على الشئ وأنت تعلم ) وهذا في معنى قوله : ( بما كسبت قلوبكم ) وقالت عائشة : ( هو قول الرجل لا والله وبلى والله ) وروي عنها مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك عندنا في النهي عن اليمين على الماضي ،

429

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 429
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست