نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 428
عليه دون غيره ، وهو قاض مع ذلك على قوله تعالى : ( إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ) [ المؤمنون : 6 ] كما كان حظر وطء الحائض قاضيا على قوله : ( إلا على أزواجهم ) [ المؤمنون : 6 ] فكانت هذه الآية مرتبة على ما ذكر من حكم الحائض . ومن يحظر ذلك يحتج بقوله : ( قل هو أذى ) فحظر وطء الحائض للأذى الموجود في الحيض وهو القذر والنجاسة ، وذلك موجود في غير موضع الولد في جميع الأحوال ، فاقتضى هذا التحليل حظر وطئهن إلا في موضع الولد . ومن يبيحه يجيب عن ذلك بأن المستحاضة يجوز وطؤها باتفاق من الفقهاء مع وجود الأذى هناك وهو دم الاستحاضة وهو نجس كنجاسة دم الحيض وسائر الأنجاس . ويجيبون أيضا على تخصيصه كان إباحة موضع الحرث ، باتفاق الجميع على إباحة الجماع فيما دون الفرج وإن لم يكن موضعا للولد ، فدل على أن الإباحة غير مقصورة على موضع الولد ، ويجابون عن ذلك بأن ظاهر الآية يقتضي كون الإباحة مقصورة على الوطء في الفرج ، وأنه هو الذي عناه الله تعالى بقوله : ( من حيث أمركم الله ) إذ كان معطوفا عليه ، ولولا قيام دلالة الاجماع لما جاز الجماع فيما دون الفرج ، ولكنا سلمناه للدلالة وبقي حكم الحظر فيما لم تقم الدلالة عليه . قوله تعالى : ( ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم ) الآية . قد قيل : فيه وجهان ، أحدهما : أن تجعل يمينه مانعة من البر والتقوى والإصلاح بين الناس ، فإذا طلب منه ذلك قال : ( قد حلفت ) فيجعل اليمين معترضة بينه وبين ما هو مندوب إليه أو هو مأمور به من البر والتقوى والإصلاح ، فإن حلف حالف أن لا يفعل ذلك فليفعل وليدع يمينه . ويروى ذلك عن مجاهد وسعيد بن جبير وإبراهيم والحسن وطاوس ، وهو نظير قوله تعالى : ( ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله ) [ النور : 22 ] . وروى أشعث عن ابن سيرين قال : حلف أبو بكر في يتيمين كانا في حجره كانا فيمن خاض في أمر عائشة ، أحدهما مسطح وقد شهد بدرا ، أن لا يصلهما وأن لا يصيبا منه خيرا ، فنزلت هذه الآية : ( ولا يأتل أولوا الفضل منكم ) [ النور : 22 ] فكسا أحدهما وحمل الآخر . وقد ورد معناه في السنة أيضا . وقد روى أنس بن مالك وعدي بن حاتم وأبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه ) وهذا هو معنى قوله تعالى : ( ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم ) على التأويل الذي ذكرنا ، لأن معناه على هذا التأويل : أن لا يمنع بيمينه من فعل ما هو خير بل يفعل الذي هو خير ويدع يمينه . والوجه الثاني : أن يكون قوله : ( عرضة لأيمانكم ) يريد به كثرة الحلف ،
428
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 428