نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 425
ينافي بقاء حكم الحيض ، إذ غير جائز لزوم الغسل على الحائض كما قلت في لزوم فرض الصلاة . قيل له : إذا كان الغسل من موجبات الحيض فلزومه غير مناف لحكمه وبقائه ، ألا ترى أن السلام لما كان من موجبات تحريمة الصلاة لم يكن لزومه بانتهائه إلى آخرها نافيا لبقاء حكمها ؟ وكذلك الحلق لما كان من موجبات الإحرام لم يكن لزومه نافيا لبقاء إحرامه ما لم يحلق ؟ كذلك الغسل لما كان من موجبات الحيض لم يكن وجوبه عليها مانعا من بقاء حكم الحيض . وأما الصلاة فليست من موجبات الحيض ، وإنما هو حكم آخر يختص لزومه بالطاهر من النساء دون الحائض ، ففي لزومها نفي لحكم الحيض . وقوله تعالى : ( حتى يطهرن فإذا تطهرن ) لما احتمل الغسل صار كقوله : ( وإن كنتم جنبا فاطهروا ) [ المائدة : 6 ] ، ويدل على أن على الحائض الغسل بعد انقضاء حيضها ، وقد روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم واتفقت الأمة عليه . قوله تعالى : ( فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ) . قال أبو بكر : هو إطلاق من حظر وإباحة ، وليس هو على الوجوب كقوله تعالى : ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض ) [ الجمعة : 10 ] ( وإذا حللتم فاصطادوا ) [ المائدة : 2 ] وهو إباحة وردت بعد حظر . وقوله : ( من حيث أمركم الله ) قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والربيع بن أنس : ( يعني في الفرج ) وهو الذي أمر بتجنبه في الحيض في أول الخطاب في قوله : ( فاعتزلوا النساء في المحيض ) وقال السدي والضحاك : ( من قبل لطهر دون الحيض ) . وقال ابن الحنفية : ( من قبل النكاح دون الفجور ) . قال أبو بكر : هذا كله مراد الله تعالى ، لأنه مما أمر الله به ، فانتظمت الآية جميع ذلك . قوله : ( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) روي عن عطاء : ( المتطهرين بالماء للصلاة ) . وقال مجاهد : ( المتطهرين من الذنوب ) . قال أبو بكر : المتطهرين بالماء أشبه ، لأنه قد تقدم في الآية ذكر الطهارة ، فالمراد بها الطهارة بالماء للصلاة في قوله : ( فإذا تطهرن فأتوهن ) فالأظهر أن يكون قوله : ( ويحب المتطهرين ) مدحا لمن تطهر بالماء للصلاة ، وقال تعالى : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين ) [ التوبة : 108 ] . وروي أنه مدحهم لأنهم كانوا يستنجون بالماء . قوله تعالى : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) الحرث : المزدرع ، وجعل في هذا الموضع كناية عن الجماع . وسمى النساء حرثا لأنهن مزدرع الأولاد . وقوله : ( فأتوا حرثكم أنى شئتم ) يدل على أن إباحة الوطء مقصورة على الجماع في الفرج لأنه موضع الحرث .
425
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 425