نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 423
فلا تحل له بأحدهما ، كذلك قوله تعالى : ( فإذا تطهرن فأتوهن ) مشروط في إباحة الوطء المعنيان ، وهو الطهر الذي يكون بانقطاع الدم ، والاغتسال . قال أبو بكر : قوله تعالى : ( حتى يطهرن ) إذا قرئ بالتخفيف فإنما هو انقطاع الدم لا الاغتسال ، لأنها لو اغتسلت وهي حائض لم تطهر ، فلا يحتمل قوله : ( حتى يطهرن ) إلا معنى واحدا وهو انقطاع الدم الذي به يكون الخروج من الحيض ، وإذا قرئ بالتشديد احتمل الأمرين من انقطاع الدم ومن الغسل لما وصفنا آنفا ، فصارت قراءة التخفيف محكمة وقراءة التشديد متشابهة ، وحكم المتشابه أن يحمل على المحكم ويرد إليه ، فيحصل معنى القراءتين على وجه واحد ، وظاهرهما يقتضي إباحة الوطء بانقطاع الدم الذي هو خرج من الحيض ، وأما قوله : ( فإذا تطهرن ) فإنه يحتمل ما احتملته قراءة التشديد في قوله : ( حتى يطهرن ) من المعنيين ، فيكون بمنزلة قوله : ( ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن ) ويكون كلاما سائغا مستقيما ، كما تقول ( لا تطعه حتى يدخل الدار فإذا دخلها فأعطه ) ويكون تأكيدا لحكم الغاية ، وإن كان حكمها بخلاف ما قبلها ، وإذا كان للاحتمال فيه مساغ على الوجه الذي ذكرنا وكان واجبا حمل الغاية على حقيقتها ، فالذي يقتضيه ظاهر التلاوة إباحة وطئها بانقطاع الدم الذي يخرج به من الحيض . ومن جهة أخرى : فيها احتمال وهو أن يكون معنى قوله : ( فإذا تطهرن ) : فإذا حل لهن أن يتطهرن بالماء أو التيمم ، كقوله : ( إذا غابت الشمس فقد أفطر الصائم ) معناه : قد حل له الإفطار ، وقوله : ( من كسر أو عرج فقد حل عليه الحج من قابل ) معناه فقد جاز له أن يحل ، وكما يقال للمطلقة إذا انقضت عدتها : إنها قد حلت للأزواج ، ومعناه : قد حل لها أن تتزوج . وعلى هذا المعنى قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس : ( إذا حللت فآذنيني ) . وإذا احتمل ذلك لم تزل الغاية عن حقيقتها بحظر الوطء بعدها . وأما قوله تعالى : ( فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ) فإن الغاية في هذا الموضع مستعملة على حقيقتها ، ونكاح الزوج وهو وطؤه إياها هو الذي يرفع التحريم الواقع بالثلاث ، ووطء الزوج الثاني مشروط لذلك وقد ارتفع ذلك بالوطء قبل طلاقه إياها ، وطلاق الزوج الثاني غير مشروط في رفع التحريم الواقع بالثلاث ، فإذا لا دليل للشافعي في الآية على الحد الذي ذكرنا على صحة مذهبه ، ولا على نفي قول مخالفيه . وأما على مذهبنا فإن الآية مستعملة على ما احتملت من التأويل على حقيقتها في الحالتين اللتين يمكن استعمالهما ، فنقول : إن قوله : ( يطهرن ) إذا قرئ بالتخفيف ، فهو مستعمل على حقيقته فيمن كانت أيامها عشرا ، فيجوز للزوج استباحة وطئها بمضي العشر . وقوله : ( يطهرن ) بالتشديد وقوله : ( فإذا تطهرن ) مستعملان في الغسل إذا كانت أيامها
423
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 423