responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 42


قرنوا الخبر بمشيئة الله وفقوا لترك المراجعة بعدها ولوجود ما أمروا به ، وقد روى أنهم لو لم يقولوا ( إن شاء الله ) لما اهتدوا لها أبدا ولدام الشر بينهم ، وكذلك قوله : ( وما كادوا يفعلون ) فأعلمنا الله ذلك لنطلب نجح الأمور عند الإخبار عنها في المستقبل بذكر الاستثناء الذي هو مشيئة الله ، وقد نص الله تعالى لنا في غير هذا الموضع على الأمر به في قوله : ( ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ) [ الكهف : 23 و 24 ] ففيه استعانة بالله وتفويض الأمر إليه والاعتراف بقدرته ونفاذ مشيئته وأنه مالكه والمدبر له .
والتاسع : دلالة قوله : ( أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ) على أن المستهزئ يستحق سمة الجهل ، لانتفاء موسى عليه السلام أن يكون من أهل الجهل بنفيه الاستهزاء عن نفسه ، ويدل أيضا على أن الاستهزاء بأمر الدين من كبائر الذنوب وعظائمها ، لولا ذلك لم يبلغ مأثمة النسبة إلى الجهل . وذكر محمد بن مسعر أنه تقدم إلى عبيد الله بن الحسن العنبري القاضي قال : وعلى جبة صوف وكان عبيد الله كثير المزح ، قال : فقال له : أصوف نعجة جبتك أم صوف كبش ؟ فقلت له : لا تجهل أبقاك الله ! قال : وإني وجدت المزاح جهلا ؟ فتلوت عليه ( أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ) قال : فأعرض واشتغل بكلام آخر .
وفيه دلالة على أن موسى عليه السلام لم يكن متعبدا بقتل من ظهر منه الكفر ، وإنما كان مأمورا بالنظر بالقول ، لأن قولهم لنبي الله ( أتتخذنا هزوا ) كفر وهو كقولهم لموسى ( اجعل لنا إلها كم لهم آلهة ) [ الأعراف : 138 ] . ويدل أيضا على أن كفرهم هذا لم يوجب فرقة بين نسائهم وبينهم ، لأنه لم يأمرهم بفراقهن ولا تقرير نكاح بينهم وبينهن .
وقوله تعالى : ( والله مخرج ما كنتم تكتمون ) يدل على أن ما يسره العبد من خير وشر ودام ذلك منه أن الله سيظهره ، وهو كما روى عن النبي عليه السلام : ( إن عبدا لو أطاع الله من وراء سبعين حجابا لأظهر الله له ذلك على ألسنة الناس وكذلك المعصية ) .
وروي أن الله تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام : ( قل لبني إسرائيل يخفوا لي أعمالهم وعلي أن أظهرها ) .
وقوله تعالى : ( والله مخرج ما كنتم تكتمون ) عام والمراد خاص ، لأن كلهم ما علموا بالقاتل بعينه ولذلك اختلفوا . وجائز أن يكون قوله : ( والله مخرج ما كنتم تكتمون ) عاما في سائر الناس لأنه كلام مستقل بنفسه وهو عاما فيهم وفي غيرهم وفي هذه القصة سوى ما ذكرنا حرمان ميراث المقتول ، روى أبو أيوب عن ابن سيرين عن

42

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست