نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 405
قال : أراد كعب بن مالك أن يتزوج امرأة من أهل الكتاب ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاه وقال : ( إنها لا تحصنك ) قال : فظاهر النهي يقتضي الفساد . فيقال : إن هذا حديث مقطوع من هذا الطريق ولا يجوز الاعتراض بمثله على ظاهر القرآن في إيجاب نسخه ولا تخصيصه ، وإن ثبت فجائز أن يكون على وجه الكراهية ، كما روي عن عمر من كراهته لحذيفة تزويج اليهودية لا على وجه التحريم ، ويدل عليه قوله : ( إنها لا تحصنك ) ونفي التحصين غير موجب لفساد النكاح ، لأن الصغيرة لا تحصنه وكذلك الأمة ويجوز نكاحهما . وقد اختلف في تزوج الكتابية الحربية ، فحدثنا جعفر بن محمد الواسطي قال : حدثنا جعفر ابن محمد بن اليمان قال : حدثنا أبو عبيد قال : حدثنا عباد بن العوام ، عن سفيان بن حسين ، عن الحكم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : ( لا تحل نساء أهل الكتاب إذا كانوا حربا ) قال : وتلا هذه الآية : ( وقاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ) إلى قوله ( وهم صاغرون ) [ التوبة : 29 ] قال الحكم : فحدثت به إبراهيم فأعجبه . قال أبو بكر : يجوز أن يكون ابن عباس رأى ذلك على وجه الكراهية ، وأصحابنا يكرهونه من غير تحريم ، وقد روي عن علي أنه كره نساء أهل الحرب من أهل الكتاب . وقوله تعالى : ( والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ) [ المائدة : 5 ] لم يفرق فيه بين الحربيات والذميات ، وغير جائز تخصيصه بغير دلالة . وقوله تعالى : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ) [ التوبة : 29 ] لا تعلق له بجواز النكاح ولا فساده ، ولو كان وجوب القتال علة لفساد النكاح لوجب أن لا يجوز نكاح نساء الخوارج وأهل البغي لقوله تعالى : ( فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله ) [ الحجرات : 9 ] ، فبان بما وصفنا أنه لا تأثير لوجوب القتال في إفساد النكاح ، وأن ما كرهه أصحابنا لقوله تعالى : ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ) [ المجادلة : 22 ] ، والنكاح يوجب المودة لقوله تعالى : ( وجعل بينكم مودة ورحمة ) [ الروم : 21 ] فلما أخبر أن النكاح سبب المودة والرحمة ونهانا عن موادة أهل الحرب ، كرهوا ذلك . وقوله ( يوادون من حاد الله ورسوله ) [ المجادلة : 22 ] إنما هو في أهل الحرب دون أهل الذمة ، لأنه لفظ مشتق من كونهم فيحد ونحن في حد ، وكذلك المشاقة وهو أن يكونوا في شق ونحن في شق ، وهذه صفة أهل الحرب دون أهل الذمة فلذلك كرهوه . ومن جهة أخرى وهو أن ولده ينشأ في دار الحرب على أخلاق أهلها ، وذلك منهي عنه ، قال صلى الله عليه وسلم : ( أنا برئ من كل مسلم بين ظهراني المشركين ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( أنا برئ من كل مسلم مع مشرك ) .
405
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 405