responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 404


وقوله : ( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ) غير موجب لتحريم الكتابيات من وجهين ، أحدهما : أن ظاهر لفظ المشركات إنما يتناول عبدة الأوثان منهم عند الإطلاق ولا يدخل فيه الكتابيات إلا بدلالة ، ألا ترى إلى قوله : ( ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم ) [ البقرة : 105 ] وقال : ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين ) [ البينة : 1 ] ففرق بينهم في اللفظ ، وظاهره يقتضي أن المعطوف غير المعطوف عليه إلا أن تقوم الدلالة على شمول الاسم للجميع ، وأنه أفرد بالذكر لضرب من التعظيم أو التأكيد كقوله تعالى : ( من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال ) [ البقرة : 98 ] فأفردهما بالذكر تعظيما لشأنهما مع كونهما من جملة الملائكة . إلا أن الأظهر أن المعطوف غير المعطوف عليه إلا أن تقوم الدلالة على أنه من جنسه ، فاقتضى عطفه أهل الكتاب على المشركين أن يكونوا غيرهم ، وأن يكون التحريم مقصورا على عبدة الأوثان من المشركين . والوجه الآخر : أنه لو كان عموما في الجميع ، لوجب أن يكون مرتبا على قوله : ( والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ) [ المائدة : 5 ] وأن لا تنسخ إحداهما بالأخرى ما أمكن استعمالهما .
فإن قيل : قوله : ( والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ) [ المائدة : 5 ] إنما أراد به اللاتي أسلمن من أهل الكتاب ، كقوله تعالى : ( وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم ) [ آل عمران : 199 ] : ( وإن من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ) [ آل عمران : 113 ] قيل له : هذا خلف من القول دال على غباوة قائله والمحتج به ، وذلك من وجهين ، أحدهما : أن هذا الاسم إذا أطلق فإنما يتناول الكفار منهم ، كقوله ( من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد ) [ التوبة :
29 ] وقوله : ( ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ) [ آل عمران : 75 ] وما جرى مجرى ذلك من الألفاظ المطلقة ، فإنما يتناول اليهود والنصارى ، ولا يعقل به من كان من أهل الكتاب فأسلم إلا بتقييد ذكر الإيمان ، ألا ترى أن الله تعالى لما أراد به من أسلم منهم ذكر الاسلام مع ذكره أنهم من أهل الكتاب فقال : ( ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة ) [ آل عمران : 113 ] ( وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم ) [ آل عمران : 199 ] . والوجه الآخر : أنه ذكر في الآية المؤمنات ، وقد انتظم ذكر المؤمنات اللاتي كن من أهل الكتاب فأسلمن ومن كن مؤمنات في الأصل ، لأنه قال :
( والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ) [ المائدة :
5 ] فكيف يجوز أن يكون مراده بالمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من المؤمنات المبدوء بذكرهن ! وربما احتج بعض القائلين بهذه المقالة بما روي عن علي بن أبي طلحة

404

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 404
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست