responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 385


قوله تعالى : ( وهو ألد الخصام ) هو وصف له بالمبالغة في شدة الخصومة والقتل للخصم بها عن حقه وإحالته إلى جانبه ، ويقال ( لده عن كذا ) إذا حبسه ؟ وعلى هذا المعنى قال النبي عليه السلام : ( إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض ، ، وإنما أقضي بما أسمع ، فمن قضيت له من حق أخيه بشئ فإنما أقطع له قطعة من النار ) ، فكان معنى قوله : ( وهو ألد الخصام ) أنه أشد المخاصمين خصومة .
وقوله : ( والله لا يحب الفساد ) نص على بطلان مذهب أهل الإجبار ، لأن مالا يحبه الله فهو لا يريده ، وما يريده فهو لا يحبه ، فأخبر الله تعالى في هذه الآية أنه لا يحب الفساد ، وهذا يوجب أن لا يفعل الفساد ، لأنه لو فعله لكان مريدا له ومحبا له ، وهو مثل قوله : ( وما الله يريد ظلما للعباد ) [ غافر : 31 ] فنفى عن نفسه فعل الظلم ، لأنه لو فعله لكان مريدا له ، لاستحالة أن يفعل مالا يريد . ويدل على أن محبته لكون الفعل هي إرادته له ، أنه غير جائز أن يجب كونه ولا يريد أن يكون ، بل يكره أن يكون ، وهذا هو التناقض ، كما لو قال ( يريد الفعل ويكرهه ) لكان مناقضا مختلا في كلامه ، ويدل عليه قوله تعالى : ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم ) [ النور : 19 ] والمعنى ( إن الذين يريدون ) فدل على أن المحبة هي الإرادة ، وقد روي عن النبي عليه السلام أنه قال : ( إن الله أحب لكم ثلاثا وكره لكم ثلاثا : أحب لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ، وكره لكم القيل والقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ) ، فجعل الكراهة في مقابلة المحبة ، فدل أن ما أراده فقد أحبه ، كما أن ما كرهه فلم يرده ، إذ كانت الكراهة في مقابلة الإرادة كما هي في مقابلة المحبة ، فلما كانت الكراهة نقيضا لكل واحدة من الإرادة والمحبة دل على أنهما سواء .
قوله تعالى : ( فاعلموا أن الله عزيز حكيم ) فإن العزيز هو المنيع القادر على أن يمنع ولا يمنع ، لأن أصل العزة الامتناع ، ومنه يقال : أرض عزاز ، إذا كانت ممتنعة بالشدة والصعوبة ، وأما الحكيم فإنه يطلق في صفة الله تعالى على معنيين : أحدهما العالم ، إذا أريد به ذلك جاز أن يقال : ( لم يزل حكيما ) والمعنى الآخر : من الفعل المتقن المحكم ، وإذا أريد به ذلك لم يجز أن يقال : ( لم يزل حكيما ) كما لا يجوز أن يقال ( لم يزل فاعلا ) فوصفه لنفسه بأنه حكيم يدل على أنه لا يفعل الظلم والسفه والقبائح ولا يريدها ، لأن من كان كذلك فليس بحكيم عند جميع أهل العقل ، وفيه دليل على بطلان قول أهل الجبر .
وقوله تعالى : ( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة هذا من المتشابه الذي أمرنا الله برده إلى المحكم في قوله الذي أنزل عليك الكتاب منه

385

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 385
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست