نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 346
اعتمرت ثم اعتمرت ثم اعتمرت ثم حججت لتمتعت ) ففي هذا الخبر اختياره للمتعة ، فثبت بذلك أنه لم يكن ما كان منه في أمر المتعة على وجه النهي ، وإنما كان على وجه اختيار المصلحة لأهل البلد تارة ولعمارة البيت أخرى . وبين الفقهاء خلاف في الأفضل من إفراد كل واحد منهما أو القران أو التمتع ، فقال أصحابنا : ( القران أفضل ثم التمتع ثم الإفراد ) . وقال الشافعي : ( الإفراد أفضل والقران والتمتع حسنان ) . وقد روى عبيد الله عن نافع عن ابن عمر : ( لأن اعتمر في شوال أو في ذي القعدة أو في ذي الحجة في شهر يجب علي فيه الهدي أحب إلي من أن أعتمر في شهر لا يجب علي فيه الهدي ) . وقد روى قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال : سألت ابن مسعود عن امرأة أرادت أن تجمع مع حجها عمرة ، فقال : أسمع الله يقول : ( الحج أشهر معلومات ) ما أراها إلا أشهر الحج . ولا دلالة في هذا الخبر على أنه كان يرى الإفراد أفضل من التمتع والقران ، وجائز أن يكون مراده البيان عن الأشهر التي يصح فيها التمتع بالجمع بين الحج والعمرة . وقال علي كرم الله وجهه : ( تمام العمرة أن تحرم من حيث ابتدأت من دويرة أهلك ) فهذا يدل على أنه أراد التمتع والقران بأن يبدأ بالعمرة من دويرة أهله إلى الحج لا يلم بأهله . وتأوله أبو عبيد القاسم بن سلام على أنه يخرج من منزله ناويا العمرة خالصة لا يخلطها بالحج ، قال : لأنه إذا أحرم بها من دويرة أهله كان خلاف السنة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد وقت المواقيت . وهذا تأويل ساقط ، لأنه قد روي عن علي : ( تمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك ) فنص الإحرام بهما من دويرة أهله ، والذي ذكره من السنة على خلاف ما ظن ، لأن السنة إنما قضت بحظر مجاورتها إلا محرما لمن أراد دخول مكة ، فأما الإحرام بها قبل الميقات فلا خلاف بين الفقهاء فيه . وروي عن الأسود بن يزيد قال : خرجنا عمارا ، فلما انصرفنا مررنا بأبي ذر فقال : أحلقتم أبو الشعث وقضيتم التفث ! أما إن العمرة من مدركم . وتأوله أبو عبيد على ما تأول عليه حديث علي . وإنما أراد أبو ذر أن الأفضل إنشاء العمرة من أهلك كما روي عن علي تمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أخبار متواترة أنه قرن بين الحج والعمرة ، حدثنا جعفر بن محمد الواسطي قال : حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال : حدثنا أبو عبيد قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن صبي بن معبد : أنه كان نصرانيا فأسلم ، فأراد الجهاد ، فقيل له : إبدأ بالحج ، فأتى أبا موسى الأشعري فأمره أن يهل بالحج والعمرة جميعا ، ففعل ، فبينما هو يلبي بهما إذ مر زيد بن صوحان وسلمان بن ربيعة فقال أحدهما : هذا أضل من بعيره ! فسمعهما صبي فكبر عليه ، فلما قدم على عمر بن الخطاب
346
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 346