responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 338


قال الله تعالى : ( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله ) . وقوله : ( فما استيسر من الهدي ) على أحد وجهين : أحدهما فعليه ما استيسر من الهدي ، والآخر : فليهد ما استيسر من الهدي ، فاقتضى ذلك إيجاب الهدي على المحصر متى أراد الإحلال ، ثم عقبه بقوله : ( ولا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله ) فكيف يسوغ لقائل أن يقول جائز له الإحلال بغير هدي مع ورود النص بإيجابه ومع نقل إحصار النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية وأمره إياهم بالذبح والإحلال .
واختلف الفقهاء في المحصر إذا لم يحل حتى فاته الحج ووصل إلى البيت ، فقال أصحابنا والشافعي : ( عليه أن يتحلل بالعمرة ، ولا يصح له فعل الحج بالإحرام الأول ) .
وقال مالك : ( يجوز له أن يبقى حراما حتى يحج في السنة الثانية ، وإن شاء تحلل بعمل عمرة ) . والدليل على أنه غير جائز له أن يفعل بذلك الإحرام الأول حجا بعد الفوات اتفاق الجميع على أنه له أن يتحلل بعمل عمرة ، فلولا أن إحرامه قد صار بحيث لا يفعل به حجا لما جاز له التحلل منه ، ألا ترى أنه غير جائز له أن يتحلل منه في السنة الأولى حين أمكنه فعل الحج به ؟ وفي ذلك دليل على أن إحرامه قد صار بحيث لا يفعل به حجا . وأيضا فإن فسخ الحج منسوخ بقوله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) فعلمنا حين جاز له الإحلال أن موجبه في هذه الحال هو عمل العمرة لا عمل الحج ، لأنه لو أمكنه عمل الحج فجعله عمرة بالإحلال لكان فاسخا لحجه مع إمكان فعله ، وهذا لم يكن قط إلا في السنة التي حج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نسخ . وهو معنى قول عمر :
( متعتان كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أنهى عنهما وأضرب عليهما : متعة النساء ومتعة الحج ) فأراد بمتعة الحج فسخه على نحو ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم به أصحابه في حجة الوداع .
واختلفوا أيضا فيمن أحصر وهو محرم بحج تطوع أو بعمرة تطوع ، فقال أصحابنا :
( عليه القضاء سواء كان الإحصار بمرض أو عدو إذا حل منهما بالهدي ) . وأما مالك والشافعي فلا يريان الإحصار بالمرض ويقولان : ( إن أحصر بعدو فحل فلا قضاء عليه في الحج ولا في العمرة ) .
والدليل على وجوب القضاء قوله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) وذلك يقتضي الإيجاب بالدخول ، ولما وجب بالدخول صار بمنزلة حجة الاسلام والنذر ، فيلزمه القضاء بالخروج منه قبل إتمامه سواء كان معذورا فيه أو غير معذور ، لأن ما قد وجب لا يسقطه العذر ، فلما اتفقوا على وجوب القضاء بالإفساد وجب عليه مثله بالإحصار . ويدل عليه من جهة السنة حديث الحجاج بن عمرو الأنصاري : ( من كسر أو عرج فقد حل وعليه الحج من قابل ) ولم يفرق بين حجة الاسلام والتطوع . وأيضا فإن من

338

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 338
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست