responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 324


ومن الناس من يحتج لإيجاب العمرة بقوله تعالى : ( وافعلوا الخير ) [ الحج : 77 ] لأنها خير ، فظاهر اللفظ يقتضي إيجاب جميع الخير . وهذا يسقط من وجوه ، أحدها : أنه يحتاج أن يثبت أن فعل العمرة مع اعتقاد وجوبها خيرا ، لأن من لا يراها واجبة فغير جائز أن يفعلها على أنها واجبة ، ولو فعلها على هذا الاعتقاد لم يكن ذلك خيرا ، كمن صلى تطوعا واعتقد فيه الفرض . وآخر : وهو أن قوله : ( وافعلوا الخير ) [ الحج : 77 ] لفظ مجمل لاشتماله على المجمل الذي لا يلزم استعماله بورود اللفظ ، ألا ترى أنه يدخل فيه الصلاة والزكاة والصوم وهذه كلها فروض مجملة ؟ ومتى انتظم اللفظ ما هو مجمل فهو مجمل يحتاج في إثبات حكمه إلى دليل من غيره . ووجه آخر : وهو أن الخير بالألف واللام لفظ جنس لا يمكن استغراقه ، فيتناول أدنى ما يقع عليه الاسم كقولك : ( إن شربت الماء وتزوجت النساء ) فإذا فعل أدنى ما يسمى به فقد قضى عهدة اللفظ . وأيضا فقد علمنا مع ورود اللفظ أن المراد البعض لتعذر استيعاب الكل فصار كقوله : ( افعلوا بعض الخير ) فيحتاج إلى بيان في لزوم الأمر .
واحتج من أوجبها بأنا لم نجد شيئا يتطوع به ، إلا وله أصل في الفرض ، فلو كانت العمرة تطوعا لكان لها أصل في الفرض ، فيقال له : العمرة إنما هي الطواف والسعي ولذلك أصل في الفرض ، فإن قيل : لا يوجد طواف وسعي مفردا فرضا غير العمرة ، وإنما يوجد ذلك في الفرض تابعا . قيل له : قد يتطوع بالطواف بالبيت وإن لم يكن له أصل في الفرض مفردا ، فكذلك العمرة يتطوع بها إذ كانت طوافا وسعيا وإن لم يكن لها أصل في الفرض .
واحتج الشافعي بأنه لما جاز الجمع بينها وبين الحج دل على أنها فرض ، لأنها لو كانت تطوعا ما جاز أن يعمل مع عمل الحج ، كما لا يجمع بين صلاتين إحداهما فرض والأخرى تطوع ويجمع بين عمل أربع ركعات فرض . قال أبو بكر ، وهذه قضية فاسدة يبطل عليه القول بوجوب العمرة ، لأنه يقال له : لما جاز الجمع بينهما ولم يجز بين صلاتي فرض دل على أنها ليست بفرض ، وأما قوله : ( ويجمع بين عمل أربع ركعات ) فإن الأربع كلها صلاة واحدة كالحج الواحد المشتمل على سائر أركانه وكالطواف الواحد المشتمل على سبعة أشواط ، وهو مع ذلك منتقض على أصله لأنه لو اعتمر ثم حج حجة الفريضة وقرن معها عمرة كانت العمرة تطوعا والحج فرضا ، فقد صح الجمع بين الفرض والنفل في الحج والعمرة ، فانتقض بذلك استدلال من استدل بجواز جمعها إلى الحج على وجوبها .
واحتج الشافعي أيضا بأنه لما جعل لها ميقات كميقات الحج دل على أنها فرض .

324

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 324
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست