responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 313


216 ] وقوله تعالى : ( فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) [ التوبة : 5 ] فمن الناس من يقول إن قوله : ( ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام ) منسوخ بقوله : ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) . ومنهم من يقول : هذا الحكم ثابت ، لا يقاتل في الحرم إلا من قاتل . ويؤيد ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم فتح مكة : ( إن مكة حرام حرمها الله يوم خلق السماوات والأرض ) فإن ترخص مترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ، فإنما أحلت له ساعة من نهار ثم عادت حراما إلى يوم القيامة ، فدل ذلك على أن حكم الآية باق غير منسوخ وأنه لا يحل أن نبتدئ فيها بالقتال لمن لم يقاتل . وقد كان القتال محظورا في الشهر الحرام بقوله : ( يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد ) [ البقرة : 217 ] ثم نسخ بقوله : ( فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) [ التوبة : 5 ] . ومن الناس من يقول : هو غير منسوخ والحظر باق .
وأما قوله ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم ) فإنه أمر بقتل المشركين إذا ظفرنا بهم ، وهي عامة في قتال سائر المشركين من قاتلنا منهم ومن لم يقاتلنا بعد أن يكونوا من أهل القتال ، لأنه لا خلاف أن قتل النساء والذراري محظور ، وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وعن قتل أهل الصوامع ، فإن كان المراد بقوله : ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ) الأمر بقتال من قاتلنا ممن هو أهل القتال دون من كف عنا منهم ، وكان قوله : ( ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) نهي عن قتال من لم يقاتلنا ، فهي لا محالة منسوخة بقوله : ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم ) لإيجابه قتل من حظر قتله في الآية الأولى بقوله : ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ) إذ كان الاعتداء في هذا الموضع هو قتال من لم يقاتل .
وقوله : ( وأخرجوهم من حيث أخرجوكم ) يعني والله أعلم : من مكة إن أمكنكم ذلك ، لأنهم قد كانوا آذوا المسلمين بمكة حتى اضطروهم إلى الخروج فكانوا مخرجين لهم ، وقد قال الله تعالى : ( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ) [ الأنفال : 30 ] فأمرهم الله تعالى عند فرضه القتال بإخراجهم إذا تمكنوا من ذلك ، إذ كانوا منهيين عن القتال فيها إلا أن يقاتلوهم ، فيكون قوله : ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم ) عاما في سائر المشركين إلا فيمن كان بمكة ، فإنهم أمروا بإخراجهم منها إلا لمن قاتلهم ، فإنه أمر بقتالهم حينئذ ، والدليل على ذلك قوله في نسق التلاوة : ( ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه ) فثبت أن قوله : ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم ) فيمن كان بغير مكة .

313

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 313
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست