نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 308
وإن كان اعتقادهما خلافه ، كنحو الشفعة بالجوار والنكاح بغير ولي ونحوهما من اختلاف الفقهاء . قوله تعالى : ( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ) وإنما يسمى هلالا في أول ما يرى وما قرب منه لظهوره في ذلك الوقت بعد خفائه ، ومنه الإهلال بالحج ، وهو إظهار التلبية ، واستهلال الصبي : ظهور حياته بصوت أو حركة . ومن الناس من يقول : أن الإهلال هو رفع الصوت ، وإن إهلال الهلال من ذلك لرفع الصوت بذكره عند رؤيته . والأول أبين وأظهر ، ألا ترى أنهم يقولون : تهلل وجهه ، إذا ظهر منه البشر والسرور وليس هناك صوت مرفوع ؟ وقال تأبط شرا : وإذا نظرت إلى أسرة وجهه * برقت كبرق العارض المتهلل يعني الظاهر . وقد اختلف أهل اللغة في الوقت الذي يسمى هلالا ، فمنهم من قال : يسمى هلالا لليلتين من الشهر ، ومنهم من قال : يسمى لثلاث ليال ثم يسمى قمرا . وقال الأصمعي : يسمى هلالا حتى يحجر ، وتحجيره أن يستدير بخطة دقيقة ، ومنهم من يقول : يسمى هلالا حتى يبهر ضوءه سواد الليل ، فإذا غلب ضوءه سمي قمرا ، قالوا : وهذا لا يكون إلا في الليلة السابعة . وقال الزجاج : الأكثر يسمونه هلالا لابن ليلتين . وقيل أن سؤالهم وقع عن وجه الحكمة في زيادة الأهلة ونقصانها ، فأجابهم أنها مقادير لما يحتاج إليه الناس في صومهم وحجهم وعدد نسائهم ومحل الديون وغير ذلك من الأمور ، فكانت هذه منافع عامة لجميعهم وبها عرفوا الشهور والسنين ومالا يحصيه من المنافع والمصالح غير الله تعالى . وفي هذه الآية دلالة على جواز الإحرام بالحج في سائر السنة ، لعموم اللفظ في سائر الأهلة أنها مواقيت للحج ، ومعلوم أنه لم يرد به أفعال الحج ، فوجب أن يكون المراد الإحرام . وقوله تعالى : ( الحج أشهر معلومات ) لا ينفى ما قلنا : لأن قوله : ( الحج أشهر معلومات ) فيه ضمير لا يستغنى عنه الكلام ، وذلك لاستحالة كون الحج أشهرا ، لأن الحج هو فعل الحاج ، وفعل الحاج لا يكون أشهرا ، لأن الأشهر إنما هي ومرور الأوقات ومرور الأوقات هو فعل الله ليس بفعل للحاج ، والحج فعل الحاج ، فثبت أن في الكلام ضميرا لا يستغنى عنه ، ثم لا يخلو ذلك الضمير من أن يكون فعل الحج أو الإحرام بالحج ، وليس لأحد صرفه إلى أحد المعنيين دون الآخر إلا بدلالة ، فلما كان في اللفظ
308
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 308