responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 302


هذا خطأ من وجهين : أحدهما أنه معلوم أن حظر الجماع على المعتكف غير متعلق بكونه في المسجد ، لأنه لا خلاف بين أهل العلم أنه ليس له أن يجامع امرأته في بيته في حال الاعتكاف ، وقد حكينا عن بعض السلف أن الآية نزلت فيمن كان يخرج من المسجد في حال اعتكافه إلى بيته ويجامع ، فلما كان ذلك كذلك ثبت أن ذكر المسجد في هذا الموضع إذا لم يعلق به حظر الجماع إنما هو لأن ذلك شرط الاعتكاف ومن أوصافه التي لا يصح إلا به . والوجه الآخر : أن الاعتكاف لما كان أصله في اللغة اللبث في الموضع ، ثم ذكر الله تعالى الاعتكاف ، فاللبث لا محالة مراد به وإن أضيف إليه معان أخر لم يكن الاسم لها في اللغة ، كما أن الصوم لما كان في اللغة هو الإمساك ثم نقل في الشرع إلى معان أخر لم يخرجه ذلك من أن يكون من شرطه وأوصافه التي لا يصح إلا به ، فثبت أن الاعتكاف هو اللبث في المسجد ، فواجب على هذا أن لا يخرج إلا لما لا بد منه أو لشهود الجمعة ، إذ كانت فرضا ، مع ما عاضد هذه المقالة ما قدمنا من السنة ، ولما لم يتعين فرض شهود الجنازة وعيادة المريض لم يجز له الخروج لهما .
وروى عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بالمريض وهو معتكف فما يعرج عليه ، يسأل عنه ويمضي ) . وروى الزهري عن عمرة عن عائشة مثله من فعلها ، ولما اتفق الجميع ممن ذكرنا قوله إنه غير جائز للمعتكف أن يخرج فينصرف في سائر أعمال البر من قضاء حوائج الناس والسعي على عياله وهو من البر ، وجب أن يكون كذلك حكم عيادة المريض ، وكما لا يجيبه إلى دعوته كذلك عيادته لأنهما سواء في حقوق بعضهم على بعض ، فالكتاب والأثر والنظر يدل على صحة ما وصفنا .
فإن احتج محتج بما روى الهياج الخراساني قال : حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن عن عبد الخالق عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المعتكف مع يتبع الجنازة ويعود المريض ، وإذا خرج من المسجد قنع رأسه حتى يعود إليه ) قيل له : هذا حديث مجهول السند ، لا يعارض به حديث الزهري عن عمرة عن عائشة . وأما قول من قال : ( إنه إن دخل سقفا بطل اعتكافه ) فتخصيصه السقف دون غيره لا دلالة عليه ، ولا فرق بين السقف وغيره من الفضاء ، فإن كونه في الفضاء والصحراء لا يفسد اعتكافه ، فكذلك السقف مثله . وأما البيع والشراء من غير إحضار السلعة والميزان فلا بأس عندهم به ، وإنما أرادوا البيع بالقول فحسب لا إحضار السلع والأثمان ، وإنما جاز ذلك لأنه مباح ، فهو كسائر كلامه في الأمور المباحة ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه نهى عن الصمت يوم إلى الليل ) فإذا كان الصمت محظورا فهو لا محالة مأمور بالكلام ، فسائر ما ينافي الصمت من مباح الكلام قد انتظمه اللفظ

302

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 302
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست