responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 296


عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة ، عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه ، قالت : وإنه أراد مرة أن يعتكف في العشر الأواخر من رمضان ، قالت : فأمر ببنائه فضرب ، فلما رأيت ذلك أمرت ببنائي فضرب ، قالت : وأمر غيري من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ببنائه فضرب ، فلما صلى الفجر نظر إلى الأبنية فقال : ( ما هذه ! البر تردن ؟ ) قالت : ثم أمر ببنائه فقوض وأمر أزواجه بأبنيتهن فقوضت ، ثم أخر الاعتكاف إلى العشر الأول ، يعني من شوال . وهذا الخبر يدل على كراهية الاعتكاف للنساء في المسجد بقوله : ( البر تردن ؟ ) يعني أن هذا ليس من البر . ويدل على كراهية ذلك منهن أنه لم يعتكف في ذلك الشهر ونقض بناءه حتى نقضن أبنيتهن ، ولو ساغ لهن الاعتكاف عنده لما ترك الاعتكاف بعد العزيمة ولما جوز لهن تركه وهو قربة إلى الله تعالى ، وفي هذا دلالة على أنه قد كره اعتكاف النساء في المساجد .
فإن قيل : قد روى سفيان بن عيينة هذا الحديث عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة وقالت فيه : فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في الاعتكاف فأذن لي ، ثم استأذنته زينب فأذن لها ، فلما صلى الفجر رأى في المسجد أربعة أبنية فقال : ( ما هذا ؟ ) فقالوا : لزينب وحفصة وعائشة ، فقال : ( البر تردن ؟ ) فلم يعتكف . فأخبرت في هذا الحديث بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم . قيل له : ليس فيه أنه أذن لهن في الاعتكاف في المسجد ، ويحتمل أن يكون الإذن انصرف إلى اعتكافهن في بيوتهن ، ويدل عليه أنه لما رأى أبنيتهن في المسجد ترك الاعتكاف حتى تركن أيضا ، وهذا يدل على أن الإذن بديا لم يكن إذنا لهن في الاعتكاف في المسجد . وأيضا فلو صح أن الإذن بديا انصرف إلى فعله في المسجد لكانت الكراهة دالة على نسخه وكان الآخر من أمره أولى مما تقدم .
فإن قيل : لا يجوز أن يكون ذلك نسخا للإذن لأن النسخ عندكم لا يجوز قبل التمكن من الفعل . قيل له : قد كن مكن من الفعل لأدنى الاعتكاف ، لأنه من حين طلوع الفجر من ذلك اليوم أن صلى النبي صلى الله عليه وسلم وأنكر فعلهن ذلك فقد حصل التمكين من الاعتكاف ، فلذلك جاز ورود النسخ بعده .
وأما قول الشافعي فيمن لا جمعة عليه ( إن له أن يعتكف حيث شاء ) فلا معنى له ، لأنه ليس للاعتكاف تعلق بالجمعة . وقد وافقنا الشافعي على جواز الاعتكاف في سائر المساجد فيمن عليه جمعة ومن ليست عليه لا يختلفان في موضع الاعتكاف ، وإنما كره ذلك للمرأة في المسجد لأنها تصير لابثة مع الرجال في المسجد ، وذلك مكروه لها سواء كانت معتكفة أو غير معتكفة ، فأما من سواها فلا يختلف الحكم فيه لقوله تعالى : ( وأنتم عاكفون في المساجد ) فلم يخصص من عليه جمعة من غيرهم ، فلا يختلف في

296

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 296
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست