responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 29


بحقها ، وحسابهم على الله ) وأنكر عن أسامة بن زيد حين قتل في بعض السرايا رجلا قال لا إله إلا الله ، حين حمل عليه ليطعنه ، فقال : ( هلا شققت عن قلبه ) يعني أنه محمول على حكم الظاهر دون عقد الضمير ، ولا سبيل لنا إلى العلم به .
قال أبو بكر : وقوله تعالى : ( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين ) يدل على أن الإيمان ليس هو الإقرار دون الاعتقاد ، لأن الله تعالى قد أخبر عن إقرارهم بالإيمان ونفى عنهم سمته بقوله : ( وما هم بمؤمنين ) ويروى عن مجاهد أنه قال : في أول البقرة أربع آيات في نعت المؤمنين ، وآيتان في نعت الكافرين ، وثلاث عشرة آية في نعت المنافقين . والنفاق اسم شرعي جعل سمة لمن يظهر الإيمان ويسر الكفر ، خصوا بهذا الاسم للدلالة على معناه وحكمه وإن كانوا مشركين إذ كانوا مخالفين لسائر المبادين بالشرك في أحكامهم . وأصله في اللغة من نافقاء اليربوع ، وهو الجحر الذي يخرج منه إذا طلب ، لأن له أجحرة ( 1 ) يدخل بعضها عند الطلب ثم يراوغ الذي يريد صيده فيخرج من جحر آخر قد أعده .
وقوله تعالى : ( يخادعون الله والذين آمنوا ) هو مجاز في اللغة ، لأن الخديعة في الأصل هي الإخفاء ، وكأن المنافق أخفى الإشراك وأظهر الإيمان على وجه الخداع والتمويه والغرور لمن يخادعه . والله تعالى لا يخفى عليه شئ ولا يصح أن يخادع في الحقيقة . وليس يخلو هؤلاء القوم الذين وصفهم الله تعالى بذلك من أحد وجهين : إما أن يكونوا عارفين بالله تعالى ، قد علموا أنه لا يخدع بتساتر ؟ ؟ بشئ ، أو غير عارفين ، فذلك أبعد ، إذ لا يصح أن يقصده لذلك ، ولكنه أطلق ذلك عليهم لأنهم عملوا عمل المخادع ، ووبال الخداع راجع عليه ، فكأنهم إنما يخادعون أنفسهم . وقيل : إن المراد :
يخادعون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحذف ذكر النبي عليه السلام ، كما قال : ( إن الذين يؤذون الله ورسوله ) [ الأحزاب : 57 ] والمراد يؤذون أولياء الله . وأي الوجهين كان فهو مجاز وليس بحقيقة ، ولا يجوز استعماله إلا في موضع يقوم الدليل عليه . وإنما خادعوا رسول الله تقية لتزول عنهم أحكام سائر المشركين الذين أمر النبي عليه السلام والمؤمنون بقتلهم ، وجائز أن يكونوا أظهروا الإيمان للمؤمنين ليوالوهم كما يوالي المؤمنون بعضهم بعضا ويتواصلون فيما بينهم ، وجائز أن يكونوا يظهرون لهم الإيمان ليفشوا إليهم أسرارهم فينقلوا ذلك إلى أعدائهم . وكذلك قول الله تعالى : ( الله يستهزئ بهم ) مجاز ، وقد قيل فيه وجوه : أحدها على جهة مقابلة الكلام بمثله ، وإن لم يكن في معناه ، كقوله تعالى :

29

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست