responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 28


الله ) [ البقرة : 195 ] وقوله : ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله ) التوبة : 34 ] . والذي يدل على أن المراد المفروض منها أنه قرنها إلى الصلاة المفروضة وإلى الإيمان بالله وكتابه ، وجعل هذا الانفاق من شرائط التقوى ومن أوصافها . ويدل على أن المراد المفروض من الصلاة والزكاة أن لفظ الصلاة إذا أطلق غير مقيد بوصف أو شرط يقتضي الصلوات المعهودة المفروضة كقوله : ( أقم الصلاة لدلوك الشمس ) [ الاسراء : 78 ] ( وحافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) [ البقرة : 238 ] ونحو ذلك . فلما أراد بإطلاق اللفظ الصلاة المفروضة كان فيه دلالة على أن المراد بالإنفاق ما فرض عليه منه . ولما مدح هؤلاء بالإنفاق مما رزقهم الله دل ذلك على أن إطلاق اسم الرزق إنما يتناول المباح منه دون المحظور ، وأن ما اغتصبه وظلم فيه غيره لم يجعله الله له رزقا ، لأنه لو كان رزقا له لجاز إنفاقه وإخراجه إلى غيره على وجه الصدقة والتقرب به إلى الله تعالى . ولا خلاف بين المسلمين أن الغاصب محظور عليه الصدقة بما اغتصبه ، وكذلك قال النبي عليه السلام : ( لا تقبل صدقة من غلول ) . والرزق الحظ في اللغة . قال الله تعالى : ( وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ) [ الواقعة : 82 ] أي حظكم من هذا الأمر التكذيب به ، وحظ الرجل هو نصيبه وما هو خالص له دون غيره ، ولكنه في هذا الموضع هو ما منحه الله تعالى عباده وهو المباح الطيب .
وللرزق وجه آخر ، وهو ما خلقه الله تعالى من أقوات الحيوان ، فجائز إضافة ذلك إليه لأنه جعله قوتا وغذاء . وقوله تعالى في شأن المنافقين وإخباره عنهم بإظهار الإيمان للمسلمين من غير عقيدة وإظهار الكفر لإخوانهم من الشياطين في قوله : ( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين ) وقوله : ( يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون ) إلى قوله : ( وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون ) يحتج به في استتابة الزنديق الذي اطلع منه على أسرار الكفر متى أظهر الإيمان ، لأن لله تعالى أخبر عنهم بذلك ولم يأمر بقتلهم ، وأمر النبي عليه السلام بقبول ظاهرهم دون ما علمه هو تعالى من حالهم وفساد اعتقادهم وضمائرهم .
ومعلوم أن نزول هذه الآيات بعد فرض القتال لأنها نزلت بالمدينة ، وقد كان الله تعالى فرض قتال المشركين بعد الهجرة . ولهذه الآية نظائر في سورة براءة وسورة محمد عليه السلام وغيرهما في ذكر المنافقين وقبول ظاهرهم دون حملهم على أحكام سائر المشركين الذين أمرنا بقتالهم . وإذا انتهينا إلى مواضعها ذكرنا أحكامها واختلاف الناس في الزنديق واحتجاج من يحتج بها في ذلك ، وهو يظهر من قوله عليه السلام : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا

28

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 28
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست