responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 284


صيام رمضان دون غيره لما فيه من تخصيص العموم بلا دلالة . ولما كان حكم اللفظ مستعملا في إباحة الأكل والشرب في ليالي صوم التطوع ثبت أنها مراده باللفظ ، فإذا كان كذلك ثم عطف عليه قوله : ( ثم أتموا الصيام إلى الليل ) اقتضى ذلك لزوم إتمام الصوم الذي صح له الدخول فيه تطوعا كان ذلك الصوم أو فرضا ، وأوامر الله تعالى على الوجوب فغير جائز لأحد دخل في صوم التطوع أو الفرض الخروج منه بغير عذر ، وإذا لزم المضي فيه وإتمامه بظاهر الآية فقد صح عليه وجوبه ، ومتى أفسده لزمه قضاؤه كسائر الواجبات .
فإن قيل : قد روي أن الآية نزلت في صوم الفرض ، فوجب أن يكون مقصور الحكم عليه . قيل له : نزول الآية على سبب لا يمنع عندنا اعتبار عموم اللفظ ، لأن الحكم عندنا للفظ لا للسبب ، ولو كان الحكم في ذلك مقصورا على السبب لوجب أن يكون خاصا في الذين اختانوا أنفسهم منهم ، فلما اتفق الجميع على عموم الحكم فيهم وفي غيرهم ممن ليس في مثل حالهم ، دل ذلك على أن الحكم غير مقصور على السبب وأنه عام في سائر الصيام كهو في سائر الناس في صوم رمضان ، فصح بما وصفنا وجه الاستدلال بقوله تعالى : ( ثم أتموا الصيام إلى الليل ) على لزوم الصوم بالدخول فيه .
وقد اختلف الفقهاء في ذلك ، فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر : ( من دخل في صيام التطوع أو صلاة التطوع فأفسده أو عرض له فيه ما يفسده فعليه القضاء ) .
وهو قول الأوزاعي إذا أفسده . وقال الحسن بن صالح : ( إذا دخل في صلاة التطوع فأقل ما يلزمه ركعتان ) . وقال مالك : ( إن أفسده هو فعليه القضاء ، ولو طرأ عليه ما أخرجه منه فلا قضاء عليه ) . وقال الشافعي رحمه الله : ( إن أفسد ما دخل فيه تطوعا فلا قضاء عليه ) .
وروي عن ابن عباس وابن عمر مثل قولنا ، حدثنا عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا بشر بن موسى قال : حدثنا سعيد بن منصور قال : حدثنا هشيم قال : حدثنا عثمان البتي عن أنس بن سيرين قال : صمت يوما فأجهدت فأفطرت فسألت ابن عباس وابن عمر فأمراني أن أصوم يوما مكانه . وروى طلحة بن يحيى عن مجاهد قال : ( هو بمنزلة الصدقة يخرجها الرجل من ماله فإن شاء أمضاها وإن شاء أمسكها ) . ولم يختلفوا في الحج والعمرة إذا أحرم بهما تطوعا ثم أفسدهما أن عليه قضاؤهما . وإن أحصر فيهما فقد اختلف الناس فيه أيضا ، فقال أصحابنا ومن تابعهم ( عليه القضاء ) . وقال مالك والشافعي : ( لا قضاء عليه ) وما قدمنا من دلالة قوله : ( ثم أتموا الصيام إلى الليل ) يوجب القضاء ، سواء خرج منه بعذر أو بغير عذر ، لأن الآية قد اقتضت الإيجاب بالدخول ، وإذا وجب لم يختلف حكمه في إيجاب القضاء إذا كان خروجه بعذر أو بغير

284

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 284
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست