نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 280
قال أبو بكر : وينبغي أن يكون رواية الأصل ورواية الإملاء في كراهيتهم الأكل عند الشك في الفجر محمولين على ما رواه الحسن بن زياد ، لأنه فسر ما أجملوه في الروايتين الأخريين ، ولأنها موافقة لظاهر الكتاب . وقد روي عن ابن عباس أنه بعث رجلين لينظرا له طلوع الفجر في الصوم فقال أحدهما : قد طلع ، وقال الآخر : لم يطلع ، فقال : ( اختلفتما ) فأكل . وكذلك روي عن ابن عمر ، وذلك في حال أمكن فيها الوصول إلى معرفة طلوع الفجر من طريق المشاهدة ، وقال تعالى : ( حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) فأباح الأكل إلى أن يتبين ، والتبين إنما هو حصول العلم الحقيقي ، ومعلوم أن ذلك إنما أمروا به في حال يمكنهم فيها الوصول إلى العلم الحقيقي بطلوعه ، وأما إذا كانت ليلة مقمرة أو ليلة غيم أو في موضع لا يشاهد مطلع الفجر ، فإنه مأمور بالاحتياط للصوم إذ لا سبيل له إلى العلم بحال الطلوع ، فالواجب عليه الإمساك استبراء لدينه ، لما حدثنا شعبة قال : حدثنا يزيد بن أبي مريم السلولي قال : سمعت أبا الجوزاء السعدي قال : قلت للحسن بن علي : ما تذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : كان يقول : ( دع ما يريبك إلى مالا يريبك ، فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة ) . وحدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا أحمد بن يونس قال : حدثنا أبو شهاب : حدثنا ابن عون عن الشعبي قال : سمعت النعمان بن بشير - ولا أسمع أحدا بعده يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم - يقول : ( إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور متشابهات ، وسأضرب في ذلك مثلا : إن الله حمى حمى وإن حمى الله ما حرم ، وإنه من يرع حول الحمى يوشك أن يخالطه ، وأنه من يخالط الريبة يوشك أن يجسر ) . وحدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي قال : أخبرنا عيسى قال : حدثنا زكريا عن عامر قال : سمعت النعمان بن بشير يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بهذا الحديث ، قال : ( وبينهما أمور متشابهات لا يعلمها كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات استبرأ عرضه ودينه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ) فهذه الأخبار تمنع من الإقدام على المشكوك فيه أنه من المباح أو المحظور ، فوجب استعمالهما ، فمن شك فلا سبيل له إلى تبين طلوع الفجر في أول ما يطلع حتى يكون مستبرئا لدينه وعرضه مجتنبا للريبة غير مواقع لحمى الله تعالى ، فاستعملنا قوله ( حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) فيمن يمكنه معرفة طلوعه في أول أحواله ، فهذا مذهب أصحابنا وحجاجه فيما ذكرنا . وقال مالك بن أنس : ( أكره أن يأكل إذا شك في الفجر ، وإن أكل فعليه القضاء ) . وقال الثوري : ( يتسحر الرجل ما شك حتى يرى الفجر ) . وقال عبيد الله بن الحسن والشافعي : ( إن أكل شاكا في الفجر فلا شئ عليه ) .
280
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 280