نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 270
يوم أفطروا ، وهذا قد يجوز أن يريد به ما لم يتبين غيره ، ومع ذلك فلم يخصص به أهل بلد دون غيرهم ، فإن وجب أن يعتبر صوم من صام الأقل فيما لزمهم فهو موجب صوم من صام الأكثر ، فيكون ذلك صوما للجميع ويلزم من صام الأقل قضاء يوم . وقد اختلف مع ذلك في صحة هذا الخبر من طريق النقل ، فثبته بعضهم ولم يثبته الآخرون . وقد تكلم أيضا في معناه ، فقال قائلون : ( معناه أن الجميع إذا اتفقوا على صوم يوم فهو صومهم وإذا اختلفوا احتاجوا إلى دلالة من غيره ، لأنه لم يقل صومكم يوم يصوم بعضكم وإنما قال صومكم يوم تصومون ، وذلك يقتضي صوم الجميع ) . وقال آخرون : ( هذا خطاب لكل واحد في نفسه وإخبار بأنه متعبد بما عنده دون ما هو عند غيره ، فمن صام يوما على أنه من رمضان فقد أدى ما كلف وليس عليه مما عند غيره شئ ، لأن الله تعالى إنما كلفه بما عنده لا بما عند غيره ولم يكلفه المغيب عند الله أيضا ) . قوله تعالى : ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) قال أبو بكر : روي عن ابن عباس وقتادة ومجاهد والضحاك أن اليسر الإفطار في السفر والعسر الصوم فيه وفي المرض . ويحتمل ما ذكر من الإفطار في السفر لمن يجهده الصوم ويضره ، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الرجل الذي ظلل عليه في السفر وهو صائم : ( ليس من البر الصيام في السفر ) فأفادت الآية أن الله يريد منكم من الصوم ما تيسر لا ما تعسر وشق ، لأنه صلى الله عليه وسلم قد صام في السفر وأباح الصوم فيه لمن لا يضره ، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان متبعا لأمر الله عاملا بما يريده الله منه ، فدل ذلك على أن قوله : ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) غير ناف لجواز الصوم في السفر بل هو دال على أنه إن كان يضره فالله سبحانه غير مريد منه ذلك وأنه مكروه له . ويدل على أن من صام في السفر أجزأه ولا قضاء عليه ، لأن في إيجاب القضاء إثبات العسر ولأن لفظ اليسر يقتضي التخيير كما روي عن ابن عباس ، وإذا كان مخيرا في فعل الصوم وتركه فلا قضاء عليه . ويدل أيضا على أن المريض والحامل والمرضع وكل من خشي ضرر الصوم على نفسه أو على الصبي ، فعليه أن يفطر ، لأن في احتمال ضرر الصوم ومشقته ضربا من العسر ، وقد نفى الله تعالى عن نفسه إرادة العسر بنا ، وهو نظير ما روي ( أن النبي صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ) . وهذه الآية أصل في أن كل ما يضر بالإنسان ويجهده ويجلب له مرضا أو يزيد في مرضه ، أنه غير مكلف به ، لأن ذلك خلاف اليسر ، نحو من يقدر على المشي إلى الحج ولا يجد زادا وراحلة ، فقد دلت الآية أنه غير مكلف به على هذا الوجه لمخالفته اليسر . وهو دال أيضا على أن من فرط في قضاء رمضان إلى القابل فلا فدية عليه ، لما فيه من
270
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 270