نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 26
فصل قال أبو بكر : وقراءة فاتحة الكتاب مع ما ذكرنا من حكمها تقتضي أمر الله تعالى إيانا بفعل الحمد ، وتعليم لنا كيف نحمده وكيف الثناء عليه وكيف الدعاء له ، ودلالة على أن تقديم الحمد والثناء على الله تعالى على الدعاء أولى وأحرى بالإجابة ، لأن السورة مفتتحة بذكر الحمد ثم بالثناء على الله ، وهو قوله : ( الحمد لله رب العالمين ) إلى ( مالك يوم الدين ) ثم الاعتراف بالعبادة له وإفرادها له دون غيره بقوله : ( إياك نعبد ) ثم الاستعانة به في القيام بعبادته في سائر ما بنا الحاجة إليه من أمور الدنيا والدين وهو قوله : ( إياك نستعين ) ثم الدعاء بالتثبيت على الهداية التي هدانا لها من وجوب الحمد له واستحقاق الثناء والعبادة ، لأن قوله : ( إهدنا الصراط المستقيم ) هو دعاء للهداية والتثبيت عليها في المستقبل ، إذ غير جائز ذلك في الماضي ، وهو التوفيق عما ضل عنه الكفار من معرفة الله وحمده والثناء عليه ، فاستحقوا لذلك غضبه وعقابه . والدليل على أن قوله تعالى : ( الحمد لله رب العالمين ) ، مع أنه تعليم لنا الحمد ، هو أمر لنا به ، قوله : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) فاعلم أن الأمر بقول الحمد مضمر في ابتداء السورة ، وهو مع ما ذكرنا رقية وعوذة وشفاء ، لما حدثنا به عبد الباقي ، قال : حدثنا معاذ بن المثنى ، قال : حدثنا سعيد بن المعلى ، قال : حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن جعفر بن إياس عن أبي نضرة عن أبي سعيد ، قال : كنا في سرية فمررنا بحي من العرب فقالوا : سيد لنا لدغته العقرب ، فهل فيكم راق ؟ قال : قلت : أنا ، ولم أفعل حتى جعلوا لنا جعلا ، جعلوا لنا شاة . قال : فقرأت عليه فاتحة الكتاب سبع مرات ، فبرأ ، فأخذت الشاة ، ثم قلت : حتى نأتي النبي عليه السلام . فأتيناه فأخبرناه ، فقال : ( علمت أنها رقية حق . اضربوا لي معكم بسهم ) . ولهذه السورة أسماء ، منها أم الكتاب لأنها ابتداؤه . قال الشاعر : ( لأرض معقلنا وكانت أمنا ) فسمى الأرض أما لنا لأنه منها ابتدأنا الله تعالى . وهي أم القرآن ، وإحدى العبارتين تغني عن الأخرى ، لأنه إذا قيل أم الكتاب فقد علم أن المراد كتاب الله تعالى الذي هو القرآن ، فقيل تارة أم القرآن وتارة أم الكتاب . وقد رويت العبارة باللفظين جميعا عن النبي عليه السلام ، وكذلك فاتحة الكتاب . وهي السبع المثاني ، قال سعيد بن جبير : سألت ابن عباس عن السبع المثاني ، فقال : السبع المثاني هي أم القرآن . وإنما أراد بالسبع أنها سبع آيات . ومعنى المثاني أنها تثني في كل ركعة ، وذلك من سنتها ، وليس من سنة سائر القرآن إعادته في كل ركعة .
26
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 26