نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 232
محال لا يجوز ورود العبادة به ، فعلمنا أن الصوم الشرعي ينبغي أن يكون مخصوصا بضرب من الإمساك دون جميع ضروبه ، فالضرب الذي حصل عليه اتفاق المسلمين هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع ، وشرط فيه عامة فقهاء الأمصار مع ذلك الإمساك عن الحقنة والسعوط والاستقاء عمدا إذا ملأ الفم ، ومن الناس من لا يوجب في الحقنة والسعوط قضاء ، وهو قول شاذ والجمهور على خلافه ، وكذلك الاستقاء . وروي عن ابن عباس أنه قال : ( الفطر مما دخل وليس مما خرج ) وهو قول طاوس وعكرمة ، وفقهاء الأمصار على خلافه ، لأنهم يوجبون على من استقاء عمدا القضاء ، واختلفوا فيما وصل إلى الجوف من جراحة جائفة أو آمة ، فقال أبو حنيفة والشافعي : ( عليه القضاء ) وقال أبو يوسف ومحمد : ( لا قضاء عليه ) وهو قول الحسن بن صالح . وقد اختلف في ترك الحجامة هل هو من الصوم ؟ فقال عامة الفقهاء : ( الحجامة لا تفطره ) ، وقال الأوزاعي : ( تفطره ) . واختلف أيضا في بلع الحصاة ، فقال أصحابنا ومالك والشافعي : ( تفطره ) ، وقال الحسن بن صالح : ( لا تفطره ) . واختلفوا في الصائم يكون بين أسنانه شئ فيأكله متعمدا ، فقال أصحابنا ومالك والشافعي : ( لا قضاء عليه ) ، وروى الحسن بن زياد عن زفر أنه قال : ( إذا كان بين أسنانه شئ من لحم أو سويق وخبز فجاء على لسانه منه شئ فابتلعه وهو ذاكر فعليه القضاء والكفارة ) ، قال : وقال أبو يوسف : ( عليه القضاء ولا كفارة عليه ) ، وقال الثوري : ( استحب له أن يقضي ) ، وقال الحسن بن صالح : ( إذا دخل الذباب جوفه فعليه القضاء ) . وقال أصحابنا ومالك : ( لا قضاء عليه ) . ولا خلاف بين المسلمين أن الحيض يمنع صحة الصوم ، واختلفوا في الجنب ، فقال عامة فقهاء الأمصار : ( لا قضاء عليه وصومه تام مع الجنابة ) ، وقال الحسن بن حي : ( مستحب له أن يقضي ذلك اليوم ) وكان يقول : ( يصوم تطوعا وإن أصبح جنبا ) ، وقال في الحائض : ( إذا طهرت من الليل ولم تغتسل حتى أصبحت فعليها قضاء ذلك اليوم ) . فهذه أمور منها متفق عليه في أن الإمساك عنه صوم ، ومنها مختلف فيه على ما بينا . فالمتفق عليه هو الإمساك عن الجماع والأكل والشرب في المأكول والمشروب ، والأصل فيه قوله تعالى : ( أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ) [ البقرة : 187 ] إلى قوله ( فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ) [ البقرة : 187 ] : فأباح الجماع والأكل والشرب في ليالي الصوم من أولها إلى طلوع الفجر ، ثم أمر بإتمام الصيام إلى الليل . وفي فحوى هذا الكلام ومضمونه حظر ما أباحه بالليل مما قدم ذكره من الجماع والأكل والشرب ، فثبت بحكم الآية أن الإمساك عن هذه الأشياء الثلاثة هو من
232
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 232