نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 229
جريج ، عن عطاء بن أبي رباح في رجل رأى هلال شهر رمضان قبل الناس بليلة : لا يصوم قبل الناس ولا يفطر قبلهم ، أخشى أن يكون شبه له . فأما الحسن فإنه أطلق الجواب في أنه لا يصوم ، وهذا يدل على أنه وإن تيقن الرؤية من غير شك ولا شبهة أنه لا يصوم ، وأما عطاء فإنه يشبه أن يكون أباح له الإفطار إذا جوز على نفسه الشبهة في الرؤية ، وأنه لم يكن رأى حقيقة وإنما تخيل له ما ظنه هلالا وظاهر الآية يوجب الصوم على من رآه ، إذ لم يفرق بين من رآه وحده ومن رآه مع الناس . وفيها حكم آخر : ومن الناس من يقول أنه إذا لم يكن عالما بدخول الشهر لم يجزه صومه ، ويحتج بقوله تعالى : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) قال : فإنما ألزم الفرض على من علم به ، لأن قوله ( من شهد ) بمعنى شاهد وعلم ، فمن لم يعلم فهو غير مؤد لفرضه ، وذلك كنحو من يصوم رمضان على شك ثم يصير إلى اليقين ولا اشتباه ، كالأسير في دار الحرب إذا صام شهرا فإذا هو شهر رمضان ، فقالوا : لا يجزي من كان هذا وصفه ، ويحكى هذا القول عن جماعة من السلف . وعن مالك والشافعي فيه قولان ، أحدهما : أنه يجزي ، والآخر : أنه لا يجزي . وقال الأوزاعي في الأسير إذا أصاب عين رمضان : ( أجزأه ) وكذلك إذا أصاب شهرا بعده . وأصحابنا يجيزون صومه بعد أن يصادف عين الشهر أو بعده ، ولا نعلم خلافا بين الفقهاء أنه إذا تحرى شهرا وغلب على ظنه أنه رمضان ثم صار إلى اليقين ولا اشتباه أنه رمضان أنه يجزيه ، وكذلك إذا تحرى وقت صلاة في يوم غيم وصلى على غالب الظن ثم تيقن أنه الوقت يجزيه . وقوله تعالى : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) إن احتمل العلم به فغير مانع من جوازه وإن لم يعلم به ، من قبل أن ذلك إنما هو شرط في لزومه ومنع تأخيره ، وأما نفي الجواز فلا دلالة فيه عليه ، ولو كان الأمر على ما قال من منع جوازه لوجب أن لا يجب على من اشتبهت عليه الشهور وهو في دار الحرب ولم يعلم برمضان القضاء ، لأنه لم يشاهد الشهر ولم يعلم به ، فلما اتفق المسلمون على لزوم القضاء على من لم يعلم بشهر رمضان دل ذلك على أنه ليس شرط جواز صومه العلم به ، كما لم يكن شرط وجوب قضائه العلم به ولما كان من وصفنا حاله من فقد علمه بالشهر شاهدا له في باب لزومه قضاءه إذا لم يصم ، وجب أن يكون شاهدا له في باب جواز صومه متى صادف عينه . وأيضا إذا احتمل قوله تعالى : ( فمن شهد منكم الشهر ) أن يعني به كونه من أهل التكليف في الشهر على ما تقدم بيانه ، فواجب أن يجزيه على أي حال شهد الشهر ، وهذا شاهد للشهر من حيث كان من أهل التكليف ، فاقتضى ظاهر الآية جوازه وإن لم يكن عالما بدخوله . واحتج أيضا من أبى جوازه عند فقد العلم بقوله عليه السلام ( صوموا
229
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 229