responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 208


الآخرة ، وإن ترك الورثة قضاءه بعد موته لا يلحقه تبعة ولا إثم وإن إثمه على من بدله دون من أوصى به .
وفيه الدلالة على أن من كان عليه زكاة ماله فمات ولم يوص به أنه قد صار مفرطا مانعا مستحقا لحكم مانعي الزكاة ، لأنها لو كانت قد تحولت في المال حسب تحول الديون لكان بمنزلة من أوصى بها عند الموت فينجو من مأثمها ، ويكون حينئذ المبدل لها مستحقا لمأثمها . سنة وكذلك حكى الله تعالى عن مانع الزكاة عند الموت سؤال الرجعة في قوله : ( وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ) [ المنافقون : 10 ] فأخبر بحصول التفريط وفوات الأداء ، إذ لو كان الأداء باقيا على الوارث أو الوصي من ميراث الميت لكانوا هم المستحقين للوم والتعنيف في تركه وكان الميت خارجا عن حكم التفريط ، فدل ذلك على صحة ما وصفنا من امتناع وجوب أداء زكاته من ميراثه من غير وصية منه به .
فإن قيل : هل يفترق حكم الموصي عند الله في حال تنفيذ وصيته أو تبديلها ، وهل يكون ما يستحقه من الثواب في الحالين سواء ؟ قيل له : أن وصية الموصي قد تضمنت شيئين ، أحدهما : استحقاقه الثواب على الله بوصيته ، والآخر : أن وصول ذلك إلى الموصى له يستوجب منه الشكر لله والدعاء للموصي ، وذلك لا يكون ثوابا للموصي ولكن الموصي يصل عليه من دعاء الموصى له وشكره لله تعالى جزاء له لا للموصي ، فينتفع الموصي بذلك من وجهين إذا أنفذت الوصية ، ومتى لم تنفذ كان نفعه مقصورا على الثواب الذي استحقه بوصية دون غيرها .
فإن قيل : فمن كان عليه دين فلم يوص بقضائه وقضاه الورثة هل يبرأ الميت من تبعته ؟ قيل له : امتناعه من قضاء الدين قد تضمن شيئين ، أحدهما : حق الله تعالى ، والآخر : حق الآدمي ، فإذا استوفى الآدمي حقه فقد برئ من تبعته وبقي من حق الآدمي ما أدخل عليه من الظلم والضرر بتأخيره ، فإذا لم يتب منه كان مؤاخذا به في الآخرة وبقي حق الله وهو الظلم الواقع منه في حياته لم تكن توبة منه فيه ، فهو مؤاخذ به فيما بينه وبين الله تعالى ، ألا ترى أن من غصب من رجل مالا وأصر على منعه كان مكتسبا بذلك المأثم من وجهين ، أحدهما : حق الله بارتكاب نهيه ، والآخر : حق الآدمي بظلمه له وإضراره به ؟ فلو أن الآدمي أخذ حقه منه من غير إرادة الغاصب لذلك لكان قد برئ من حقه وبقي حق الله يحتاج إلى التوبة منه ، فإذا مات غير تائب كانت تبعته باقية عليه لاحقة به .
وقوله تعالى : ( فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ) إنما هو فيمن بدل ذلك إذا وقع على وجه الصحة والجواز والعدل ، فأما إذا كانت الوصية جورا

208

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 208
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست