responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 207


بقوله : ( فمن بدله ) . وقوله : ( فمن بدله بعد ما سمعه ) يحتمل أن يريد به الشاهد على الوصية ، فيكون معناه زجره عن التبديل ، على نحو قوله تعالى : ( ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها ) [ المائدة : 108 ] ويحتمل أن يريد الوصي لأنه هو المتولي لإمضائها هذه والمالك لتنفيذها ، فمن أجل ذلك قد أمكنه تغييرها . ويبعد أن يكون ذلك عموما في سائر الناس ، إذ لا مدخل لهم في ذلك ولا تصرف لهم فيه . وهو عندنا على المعنيين الأولين من الشاهد والوصي لاحتمال اللفظ لهما ، والشاهد إذا احتيج إليه مأمور بأداء ما سمع على وجهه من غير تغيير ولا تبديل ، والوصي مأمور بتنفيذها على حسب ما سمعه مما تجوز الوصية به .
ووري عن عطاء ومجاهد قالا : ( هي الوصية تصيب الولي الشاهد ) . وقال الحسن :
( هي الوصية ، من سمع الوصية ثم بدلها بعد ما سمعها فإنما إثمها على من بدلها ) .
قال أبو بكر : وجائز أن يكون الحاكم مرادا بذلك ، لأن له فيه ولاية وتصرفا إذا رفع إليه ، فيكون مأمورا بإمضائها إذا جازت في الحكم منهيا عن تبديلها ، وفيها الأمر بإمضائها وتنفيذها على الحق والصدق .
وقوله : ( فمن بدله بعدما سمعه ) قد اقتضى جواز تنفيذ الوصي ما سمعه من وصية الموصي ، كان عليها شهودا ولم تكن . وهو أصل في كل من سمع شيئا فجائز له إمضاؤه عند الإمكان على مقتضاه وموجبه من غير حكم حاكم ولا شهادة شهود ، فقد دل على أن الميت متى أقر بدين لرجل بعينه عند الوصي فجائز له أن يقضيه من غير علم وارث ولا حاكم ولا غيره ، لأن في تركه ذلك بعد السماع تبديلا لوصية الموصي .
وقوله : ( فإنما إثمه على الذين يبدلونه ) قد حوى معاني ، أحدها : أنه معلوم أن ذلك عطف على الوصية المفروضة كانت للوالدين والأقربين ، وهي لا محالة مضمرة فيه ، لولا ذلك لم يستقم الكلام لأن قوله : ( فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ) غير مستقل بنفسه في إيجاب الفائدة لما انتظم من الكناية والضمير اللذين لا بد لهما من مظهر مذكور ، وليس في الآية مظهر غير ما تقدم ذكره في أولها . وإذا كان كذلك فقد أفادت الآية سقوط الفرض عن الموصي بنفس الوصية ، وأنه لا يلحقه بعد ذلك من مأثم التبديل شئ بعد موته .
وفيه دلالة على بطلان قول من أجاز تعذيب الأطفال بذنوب آبائهم ، وهو نظير قوله : ( ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ) [ الأنعام : 164 ] . وقد دلت الآية أيضا على أن من كان عليه دين فأوصى بقضائه أنه قد برئ من تبعته في

207

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 207
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست