responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 200


الكثير تلحقه ، فكان طريق الفصل فيها الاجتهاد وغالب الرأي مع ما كانوا عرفوا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وقوله : ( الثلث والثلث كثير ) و ( أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس ) .
واختلف الناس في الوصية المذكورة في هذه الآية هل كانت واجبة أم لا ؟ فقال قائلون : ( إنها لم تكن واجبة وإنما كانت ندبا وإرشادا ) . وقال آخرون : ( قد كانت فرضا ثم نسخت ) على الاختلاف منهم في المنسوخ منها . واحتج من قال : ( أنها لم تكن واجبة ) بأن في سياق الآية وفحواها دلالة على نفي وجوبها ، وهو قوله : ( الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف ) فلما قيل فيها ( بالمعروف ) وإنها على المتقين دل على أنها غير واجبة من ثلاثة أوجه ، أحدها : قوله ( بالمعروف ) لا يقتضي الإيجاب ، والآخر : قوله ( على المتقين ) وليس يحكم على كل أحد أن يكون من المتقين ، الثالث :
تخصيصه للمتقين بها ، والواجبات لا يختلف فيها المتقون وغيرهم .
قال أبو بكر : ولا دلالة فيما ذكره هذا القائل على نفي وجوبها ، لأن إيجابها بالمعروف لا ينفي وجوبها ، لأن المعروف معناه العدل الذي لا شطط فيه ولا تقصير ، كقوله تعالى : ( وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) [ البقرة : 233 ] ولا خلاف في وجوب هذا الرزق والكسوة وقوله تعالى : ( وعاشروهن بالمعروف ) [ النساء :
19 ] بل المعروف هو الواجب ، قال الله تعالى : ( وأمر بالمعروف وانهى عن المنكر ) [ لقمان : 17 ] وقال : ( يأمرون بالمعروف ) [ التوبة : 71 ] . فذكر المعروف فيما أوجب الله تعالى من الوصية لا ينفي وجوبها بل هو يؤكد وجوبها ، إذ كان جميع أوامر الله معروفا غير منكر . ومعلوم أيضا أن ضد المعروف هو المنكر ، وأن ما ليس بالمعروف هو منكر ، والمنكر مذموم مزجور عنه ، فإذا المعروف واجب . وأما قوله : ( حقا على المتقين ) ففيه تأكيد لإيجابها ، على لأن على الناس أن يكونوا متقين ، قال الله تعالى : ( أيها الذين آمنوا اتقوا الله ) [ البقرة : 187 ] ولا خلاف بين المسلمين أن تقوى الله فرض ، فلما جعل تنفيذ هذه الوصية من شرائط التقوى فقد أبان عن إيجابها . وأما تخصيصه المتقين بالذكر فلا دلالة فيه على نفي وجوبها ، وذلك لأن أقل ما فيه اقتضاء الآية وجوبها على المتقين وليس فيه نفيها عن غير المتقين ، كما أنه ليس في قوله : ( هدى للمتقين ) [ البقرة : 2 ] نفي أن يكون هدى لغيرهم . وإذا وجبت على المتقين بمقتضى الآية وجبت على غيرهم ، وفائدة تخصيصه المتقين بالذكر أن فعل ذلك من تقوى الله ، وعلى الناس أن يكونوا كلهم متقين ، فإذا عليهم فعل ذلك .
ودلالة الآية ظاهرة في إيجابها وتأكيد فرضها ، لأن قوله : ( كتب عليكم ) معناه

200

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 200
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست