responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 197


للمقتول ، وكذلك الرمي والتحريق لم يجز أن يكون ذلك مرادا بذكر القصاص ، فوجب أن يكون المراد إتلاف نفسه بإحدى الوجوه . ويدل على هذا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في نفي القصاص في المنقلة والجائفة لتعذر استيفائه على مقادير أجزاء الجناية ، فكذلك القصاص بالرمي والرضخ غير ممكن استيفاؤه في معنى الإيلام وإتلاف الأجزاء التي أتلفها .
فإن قيل : لما كان المثل ينتظم معنيين ، وكذلك القصاص ، أحدهما : إتلاف نفسه كما أتلف ، فيكون القصاص والمثل في هذا الوجه إتلاف نفس بنفس ، والآخر أن يفعل به مثل ما فعل ، استعملنا حكم اللفظ في الأمرين ، لأن عمومه يقتضيهما ، فقلنا : نفعل به مثل ما فعل فإن مات وإلا استوفى المثل من جهة إتلاف النفس . قيل له : لا يجوز أن يكون المراد بالمثل والقصاص جميع الأمرين بأن يفعل به مثل ما فعل بالمقتول ثم يقتل ، وإن كان يجوز أن يكون المراد كل واحد من المعنيين على الانفراد غير مجموع إلى الآخر ، لأن الاسم يتناوله وهو غير مناف لحكم الآية . وأما إذا جمعهما فغير جائز أن يكون مرادا على وجه الجمع ، لأنه يخرج عن حد القصاص والمثل بل يكون زائدا عليه ، وغير جائز تأويل الآية على معنى يضادها وينفي حكمها ، فلذلك امتنع إرادة القتل بالسيف بعد الرضخ والتغريق والحبس والإجاعة . وقد روى سفيان الثوري عن جابر عن أبي عازب عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا قود إلا بالسيف ) وهذا الخبر قد حوى معنيين ، أحدهما : بيان مراد الآية في ذكر القصاص والمثل ، والآخر : أنه ابتداء عموم يحتج به في نفي القود بغيره . ويدل عليه أيضا ما روى يحيى بن أبي أنيسة عن الزبير عن جابر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يستقاد من الجراح حتى تبرأ ) وهذا ينفي قول المخالف لنا ، وذلك لأنه لو كان الواجب أن يفعل بالجاني كما فعل لم يكن لاستثنائه وجه ، فلما ثبت الاستثناء دل على أن حكم الجراحة معتبر بما يؤول إليه حالها .
فإن قيل : يحيى بن أبي أنيسة لا يحتج بحديثه . قيل له : هذا قول جهال لا يلتفت إلى جرحهم ولا تعديلهم ، وليس ذلك طريقة الفقهاء في قبول الأخبار ، وعلى أن علي ابن المديني قد ذكر عن يحبى بن سعيد أنه قال : يحيى بن أبي أنيسة أحب إلي في حديث الزهري من حديث محمد بن إسحاق .
ويدل عليه أيضا ما روى خالد الحذاء عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث ، عن شداد بن أوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله كتب الإحسان على كل شئ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ) فأوجب عموم لفظه أن من له قتل غيره أن يقتله بأحسن وجوه القتل وأوحاها وأيسرها ، وذلك ينفي تعذيبه والمثلة به .

197

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 197
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست